logo
تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يقتحم سوق وظائف الطبقة المتوسطة

الذكاء الاصطناعي يقتحم سوق وظائف الطبقة المتوسطة
فعاليات المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي (WAIC) في شنغهاي، الصين، في 6 يوليو 2023المصدر: رويترز
تاريخ النشر:21 يناير 2025, 09:33 ص

يشهد سوق العمل تحولاً كبيراً بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، إذ برز كعامل مؤثر في وظائف الدول ذات الدخل المتوسط، ما يستدعي تعزيز الأنظمة التعليمية لضمان وصول فوائده إلى الفئات الأكثر فقراً.

وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة «بروكينغز»، تسلك ثورة الذكاء الاصطناعي مساراً مغايراً للاتجاهات التكنولوجية السابقة، فبدلاً من الانتشار التدريجي الذي شهدته الحواسيب والإنترنت، حقق الذكاء الاصطناعي التوليدي نمواً هائلاً تخطى حدود وادي السيليكون.

وبحسب التقرير، تشكل الدول ذات الدخل المتوسط أكثر من نصف حركة المرور على الإنترنت المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يعكس تحولاً بارزاً في هذا المجال.

وبدأت آثار هذا التحول تظهر بوضوح في سوق العمل، ففي الولايات المتحدة، يستخدم 39% من السكان في سن العمل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

أخبار ذات صلة

الاستدامة في النقل.. دور التكنولوجيا في تقليل التأثير البيئي

الاستدامة في النقل.. دور التكنولوجيا في تقليل التأثير البيئي

تزايد الطلب

كما كشفت دراسة استقصائية شملت عمالاً مهرة في 31 دولة، أن 66% من قادة الأعمال يفضلون توظيف المرشحين الذين يمتلكون مهارات في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يؤكد الأهمية المتزايدة لهذه المهارات في سوق العمل الحديث.

وفي أميركا اللاتينية، اكتسبت مهارات الذكاء الاصطناعي قيمة تفوق الخبرة العملية التقليدية، إذ أفاد 66% من المسؤولين التنفيذيين بأنهم يفضلون توظيف المرشحين الذين يمتلكون مهارات في الذكاء الاصطناعي على نظرائهم ذوي الخبرة الأكبر الذين يفتقرون لهذه المهارات.

وأرجع التقرير الارتفاع المتزايد في الطلب على مهارات الذكاء الاصطناعي، إلى التحسينات الملحوظة في الإنتاجية، إذ أظهرت الدراسات التجريبية التي ركزت على مهن محددة مثل الكتّاب والمبرمجين وعمال الدعم الفني، تحقيق تحسن كبير في الأداء عند استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. 

التفاوت الرقمي

ومع ذلك، أوضح التقرير أن الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي التوليدي لا تزال غير موزعة بشكل عادل، خصوصاً في الدول النامية.

وأظهرت دراسة حديثة أجرتها «منظمة العمل الدولية» بالتعاون مع «البنك الدولي» أن 7 إلى 14% فقط من العمال في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (LAC) يمكنهم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال تفويض المهام لهذه التقنية.

وتتركز هذه الفرص في الغالب، في القطاع الرسمي والمناطق الحضرية، والتي يشغلها عادةً العمال ذوو الدخل المرتفع والتعليم العالي، مما يعكس طبيعة وظائف الطبقة المتوسطة في تلك المناطق.

وأشار التقرير إلى وجود عاملين رئيسين يساهمان في تعميق الفجوات بين القطاعات العاملة، أولهما الفجوة الرقمية الكبيرة، إذ يبقى الوصول إلى التقنيات الأساسية مثل الحواسيب، والإنترنت عالي السرعة، والهواتف الذكية محدوداً في المناطق الأكثر فقراً.

ففي كل من البرازيل والمكسيك، يكون العمال في أعلى شريحة دخل أكثر احتمالاً بمقدار الضعف على الأقل للحصول على وظائف يمكن أن تستفيد من الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وعند أخذ القدرة على الوصول إلى الأدوات الرقمية في الحسبان، تزداد هذه الفجوة بشكل ملحوظ، في المكسيك، هناك احتمالية أكبر بمقدار 5.6 مرة للعمال في الشريحة العليا من الدخل، للوصول إلى وظائف مدعومة بالذكاء الاصطناعي والاستفادة من استخدام الحواسيب مقارنة بنظرائهم في الشريحة الدنيا.

وأضاف التقرير أن هذه الفجوة الرقمية تؤثر في ملايين الأشخاص، حيث تشير التقديرات إلى وجود 17 مليون وظيفة في مختلف أنحاء أميركا اللاتينية يمكن أن تستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكنها تفتقر إلى الأدوات الرقمية الأساسية اللازمة.

ويُعد هذا الوضع فرصة مهدورة تضرب الدول والعمال ذوي الدخل المحدود بشكل أكبر، مما يعمق التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.

وبحسب التقرير، فإن وجود خطر حقيقي يتمثل في فقدان الوظائف بسبب الأتمتة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، يعد ثاني العوامل التي تعمق الفجوات بين القطاعات العاملة.

ففي دول أميركا اللاتينية، يواجه ما بين 1% إلى 6% من الوظائف خطراً كبيراً من الأتمتة، مع تعرض قطاعات مثل البنوك والمالية والخدمات العامة ودعم العملاء لهذا التهديد بشكل خاص.

ورغم أن هذه الوظائف تُعتبر عادةً من وظائف الطبقة المتوسطة، إلا أنها تُشغل غالباً من قبل النساء والشباب، وهي فئات تعاني بالفعل من تحديات كبيرة في دخول سوق العمل والحفاظ على استقرارها فيه.

أخبار ذات صلة

الأردن يكمل مسار التحول الرقمي بمجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل

الأردن يكمل مسار التحول الرقمي بمجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل

تجاوز التحديات الهيكلية

رغم هذه التحديات، أشار التقرير إلى وجود أمل في أن يكون الذكاء الاصطناعي التوليدي قادراً على نقل فوائده إلى الفئات ذات الدخل المنخفض، خاصة في القطاعات الحيوية التي تؤثر بشكل كبير على حياة الفقراء.

ففي مجال التعليم، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يُحدث تحولاً جذرياً من خلال تخصيص التعليم بما يتناسب مع احتياجات الطلاب وتعزيز فعالية المعلمين. وفي قطاع الرعاية الصحية، يمكن أن يُحسن اتخاذ القرارات السريرية بين العاملين ذوي المهارات المحدودة، ويوسع نطاق خدمات الطب عن بُعد.

وقد يسهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين الوصول إلى هذه الخدمات الأساسية، إذا تم استغلال هذه التقنية بشكل فعال، مما يجعله أداة قوية لرفع ملايين الأشخاص من براثن الفقر، وفقاً للتقرير.

ومع ذلك، أكد التقرير أهمية معالجة التحديات الهيكلية الكبيرة، فبالإضافة إلى الفجوة الرقمية، يعاني أكثر من مليار شخص في المناطق النامية من مشكلة عدم توفر الطاقة الكهربائية بشكل مستمر وثابت.

علاوة على ذلك، تبقى الفجوات التعليمية بين الدول الغنية والفقيرة واسعة ومستمرة على المدى الطويل، ما يعوق قدرة العمال في المناطق منخفضة الدخل على اكتساب المهارات الأساسية التي تؤهلهم للاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الطريق إلى الأمام واضح، فبدون اتخاذ إجراءات سياسية سريعة لسد فجوات البنية التحتية وتعزيز الأنظمة التعليمية، قد تتحول ثورة الذكاء الاصطناعي إلى قوة تُعمق الفوارق العالمية بدلاً من تقليصها.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC