logo
عملات رقمية

«تيذر» الدرهم الإماراتي.. مشروع لثورة الأصول المشفرة بالمنطقة

«تيذر» الدرهم الإماراتي.. مشروع لثورة الأصول المشفرة بالمنطقة
شعار شركة «تيذر » التي تصدر العملات المشفرة المستقرةالمصدر: منصة بايننس
تاريخ النشر:3 سبتمبر 2024, 12:00 ص

في يونيو الماضي، وفي خطوة رائدة بالمنطقة، وافق مصرف الإمارات المركزي على إصدار نظام جديد للإشراف على العملات المشفرة المستقرة وترخيصها، ضمن إطار برنامج للتحول في البنية التحتية المالية يضمن تعزيز المعاملات والنهوض بالاقتصاد الرقمي.

 تضمن ذلك شرط أن تكون العملات المستقرة التي ستحظى بالترخيص مرتبطة بالدرهم الإماراتي، وليس بعملات أخرى أو بأصول رقمية أو خوارزميات.

تلقفت إدارة شركة «تيذر» (Tether)، التي تصدر أكبر عملة مشفرة مستقرة في العالم، بحماس هذا الإعلان، لتفصح أخيراً عن خططها لإطلاق عملة مرتبطة بالدرهم الإماراتي بالتعاون مع مجموعة «فينيكس» (Phoenix)، اللاعب الرئيس في مجال تعدين العملات المشفرة والبلوكتشين والمدرجة في سوق أبوظبي، وبدعم من شركة الاستثمار «جرين أكورن» (Green Acorn Investment).

أكدت «فينيكس» لـ«إرم بزنس» أن العملة المستقرة المرتبطة بالدرهم ستخدم التجارة وقطاع الأعمال بتوفير أصول رقمية موثوقة ومستقرة. وبحسب البيان الذي صاحب الإعلان عن مشروع العملة المستقرة الجديدة، فإن الهدف منها «تبسيط التجارة الدولية والتحويلات المالية، وخفض رسوم المعاملات، وتوفير التحوط ضد تقلبات العملة».

 وقال الرئيس التنفيذي لشركة «تيذر»، باولو أردوينو، إن «الغرض الأساسي هو في الواقع خلق خيار مقابل الدولار الأميركي»، مؤكداً اعتقاده بأن الدرهم سيصبح عملة مفضلة مع تحول التجارة العالمية.

ما عناصر الجذب؟

هذه الرؤية أكدتها «فينيكس» شريكة «تيذر» في المشروع، موضحة في تصريحات لـ«إرم بزنس»، أن اقتصاد الإمارات يتمتع بالاستقرار، والدرهم نفسه عملة تحظى بتقدير كبير وهي مرتبطة بالدولار الأميركي، ما يوفر استقراراً إضافياً.

 وقالت الشركة التي تملك أكبر مزرعة تعدين لعملة بيتكوين في العالم داخل الإمارات، إن الأخيرة كانت في طليعة من تبنوا ودعموا تقنيات البلوكتشين والعملات المشفرة، ما يجعلها موقعاً استراتيجياً لإطلاق عملة مستقرة. وإن قرارهم «يعكس الالتزام بتوسيع بصمتهم العالمية وتلبية الاحتياجات المحددة لسوق الشرق الأوسط، التي تشهد نمواً سريعاً في تبني العملات المشفرة».

ترى «فينيكس» أن الشرق الأوسط بات ينظر إليه باعتباره سوقاً مزدهرة لـ«الويب 3» والبلوكتشين والعملات المشفرة، لعدة عوامل، منها السكان المتمرسون في مجال التكنولوجيا، والدعم الحكومي القوي للابتكار في التقنيات المالية.

 وأشارت إلى أن اهتمام المنطقة بتنويع اقتصاداتها أدى إلى ضخ استثمارات كبيرة في الأصول الرقمية وتكنولوجيا البلوكتشين. كما تم تطوير الأطر التنظيمية التي تحدد المعايير العالمية، حيث تقود الإمارات هذا التوجه. وأضافت: «ندرك أن الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية استراتيجية ومستعدة لحدوث نمو كبير في مجال العملات المشفرة، ما يجعلها سوقاً مثالية لطرح عملة مستقرة مثل تيذر المرتبطة بالدرهم».

جسر العملات التقليدية بالأصول الرقمية

تعد العملات المستقرة النسخة المشفرة من النقد الذي يتبع العملات السيادية، وهي جزء أساسي من البنية التحتية التي تربط العملات التقليدية الورقية المعروفة بـ«الفيات» بعالم الأصول الرقمية وتوفر السيولة للتداول. فغالبية تجارة العملات المشفرة مثل بيتكوين تتم من خلال العملات المستقرة المرتبطة بالدولار.

كما تُستخدم في العديد من الخدمات المالية القائمة على تقنية البلوكتشين، مثل منصات الإقراض، كما للدفع مقابل المنتجات والخدمات. ويعتمد النظام البيئي للعملات المشفرة بشكل كبير على عدد قليل من العملات المستقرة، غالبيتها مقومة بالدولار، فيما توفر «تيذر» عملات مستقرة مرتبطة باليورو واليوان والبيزو المكسيكي والذهب. ولـ«تيذر» حصة سوقية تزيد عن 118 مليار دولار، وفق بيانات «كوين ماركت كاب» (CoinMarketCap)، ما يجعلها الثالثة عالمياً في سوق التشفير بعد بيتكوين وإيثر.

التجارة عبر الحدود

يظهر تقرير «جغرافيا العملات المشفرة 2020» الصادر عن شركة «تشيناليسيس» (Chainalysis)، أن حصة كبيرة من معاملات العملات المستقرة بين شرق آسيا وإفريقيا وروسيا، تتم لأغراض تجارية. ويعد نمو حركة المدفوعات بالعملات المشفرة المستقرة حلًا جذريا أمام ما يواجهه المستوردون في الأسواق الناشئة من تحديات مرتبطة باستخدام الدولار للمدفوعات عبر الحدود، ومشكلات تتعلق بالقيود المفروضة على العملات الأجنبية في بعض البلدان.

 وبينما تحمل أنظمة التسويات في التجارة العالمية قيودا على سرعة تدفق السلع، يمكن للعملة المستقرة أن تقدم حلولاً منها التقليل من عدد الوسطاء مقارنة بنظام البنوك المراسلة، ما يضمن السرعة في تنفيذ الصفقات. ومن الممكن أيضاً الاحتفاظ بالعملات المستقرة أو قفلها، الأمر الذي يمنح المصدّرين الفرصة للتأكد من توفر المستوردين على السيولة الكافية، أي في ما يشبه خطابات الاعتماد التي تقدمها البنوك التقليدية.

حالياً، تكثف مجموعة «بريكس» جهودها لتقليل اعتمادها على الدولار، حيث أعلنت أيضاً عن خططها لإطلاق عملة مستقرة يتوقع الخبراء أن تكون مدعومة بالذهب، في ظل وجود حيازات كبيرة من المعدن الأصفر لدى دول المجموعة. من ناحية أخرى، يعتبر الاستقرار في قيمة العملات المستقرة عامل جذب لمستثمري الأسواق الناشئة الذين يتطلعون إلى حماية أصولهم من التآكل بسبب التقلبات في قيمة عملاتهم المحلية.

لذلك ترى «فينيكس» أن العملة المستقرة المرتبطة بالدرهم ستوفر للتجار والشركات والأعمال التجارية في الشرق الأوسط أصولًا رقمية موثوقة ومستقرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعملة مألوفة لديهم. من شأن ذلك أن «يسهل المعاملات عبر الحدود بشكل أسهل وأكثر كفاءة داخل المنطقة ومع الشركاء العالميين، ويقلل من مخاطر تحويل العملات، ويوفر جسراً بين التمويل التقليدي واقتصاد التشفير».

كما ترى أن هذه العملة المستقرة ستوفر للشركات، خاصة تلك العاملة في الإمارات، منصة متعددة الحلول للاستفادة من تقنية البلوكتشين مع الحفاظ على الثقة في قيمة العملة. أما في عالم التشفير الأوسع، فإنها تضيف خياراً آخر إلى عروض العملات المستقرة ما يدعم التنوع، ويزيد من الخيارات لأولئك الذين يتطلعون إلى التحوط ضد التقلبات في العملات المختلفة، ويعزز التبني الأوسع للأصول الرقمية في التجارة العالمية.

نظرة متفائلة

أفادت «فينيكس» بأنهم يعملون بشكل وثيق مع الجهات التنظيمية في الإمارات للحصول على جميع الموافقات اللازمة لإصدار العملة المستقرة المرتبطة بالدرهم. وفي حين أن توقعات الحصة السوقية التي ستحظى بها العملة الجديدة قد تعتمد على عوامل مختلفة، بما في ذلك وتيرة تبني السوق، أعربت الشركة عن تفاؤلها بشأن الاستحواذ على حصة كبيرة من سوق الشرق الأوسط.

وقالت: «نظراً لمكانة الإمارات كمركز مالي إقليمي والاهتمام المتزايد بالعملات المشفرة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن العملة المستقرة المرتبطة بالدرهم يمكن أن تصبح قوة مهيمنة في معاملات الأصول الرقمية المحلية والإقليمية».

 وترى أن «سمعة تيذر والتوقيت الاستراتيجي لهذا الإطلاق في سوق حاضنة، يشيران إلى أنها قد تكتسب زخماً سريعاً، وقد تصبح العملة المستقرة المفضلة للتجار والشركات العاملة في الشرق الأوسط». في ظل سعيها لتصبح مركزاً عالمياً لصناعة العملات المشفرة، سارعت الإمارات إلى تمكين المدفوعات بالعملات المشفرة في مجالات مثل العقارات والرسوم المدرسية، الأمر الذي أدى إلى زيادة معدلات التبني وحجم المعاملات مع المضي في تطوير التنظيمات الخاصة بالأصول الافتراضية في كل من العاصمة أبوظبي ودبي.

من جهتها، ترى أروشي جول، رئيسة السياسات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، في «تشيناليسيس» (Chainalysis)، شركة تحليل بلوكتشين الأميركية ومقرها في مدينة نيويورك، أنه «من خلال تقديم لوائح واضحة لاستخدام العملات المستقرة كأدوات دفع، يخلق البنك المركزي الإماراتي أجواء مواتية للشركات للمساهمة في نمو النظام البيئي للعملات المشفرة». 

وقالت: «يعكس هذا النهج الجهود الناجحة التي تبذلها هيئة تنظيم الأصول الافتراضية (VARA) في دبي وسوق أبوظبي العالمي (ADGM) لتنظيم النظام البيئي للأصول المشفرة على نطاق أوسع». وتابعت في حديثها لـ«إرم بزنس» قائلة: «تفتح هذه اللوائح الباب أمام ترخيص العملات المستقرة عالية الجودة المدعومة بالدرهم الإماراتي، ما سيساعد في بناء سوق محلية قوية». مؤكدة أن إعلان «تيذر» يسلط الضوء على استعداد المؤسسات للاستفادة من الوضوح التنظيمي والفرصة التي أنشأها البنك المركزي الإماراتي.

سوق مزدهرة

يعتبر الشرق الأوسط موطناً لسوق عملات مشفرة مزدهرة، إذ حقق المستثمرون في الإمارات مكاسب رأسمالية بقيمة 204 ملايين دولار من استثماراتهم في القطاع خلال العام 2023، وفقاً لرئيسة السياسات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في «تشيناليسيس»، التي أضافت أن تركيا والسعودية برزتا أيضاً في قائمة أفضل 50 دولة من حيث مكاسب العملات المشفرة في العام الماضي. وأضافت أنه وبعد قرار البنك المركزي الإماراتي، «من المرجح أن يستفيد المستهلكون قريباً من عروض اللاعبين، سواء كان ذلك للمدفوعات عبر الحدود أو لحالات استخدام أخرى. ونتيجة لذلك، يمكن أن تحفز العملات المستقرة المدعومة بالدرهم الإماراتي تطوير سوق محلية مزدهرة وتعزز التجارة».

كما سيعمل هذا أيضاً كمحفز للمشاركة من جانب اللاعبين الماليين الراسخين، مثل البنوك، لتلبية طلبات العملاء من الأفراد والمؤسسات. إذ بحسب ما أكدته رئيسة السياسات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في «تشيناليسيس»، «سوف تجد الشركات الأكبر حجماً، بما في ذلك البنوك والمؤسسات المالية الكبرى، أنه من الأسهل دمج وقبول رمز دفع مرخص كجزء من أنظمة الدفع الخاصة بها، ما يعزز النظام المالي الأكثر سلاسة».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC