اﻷثنين 7 أبريل 2025 م
زخم كبير تشهده العلاقات بين القاهرة وباريس مع رابع زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر على رأس وفد رفيع يضم وزير الاقتصاد، تشهد توقيع 22 اتفاقية تعزز التعاون بين البلدين، وسط آمال مصرية برفع الاستثمارات الفرنسية إلى 8 مليارات يورو في نهاية العام الجاري.
كما تشهد الزيارة توقيع اتفاق شراكة استراتيجية، وعقد منتدى الأعمال المشترك للبلدين؛ ما يعكس تطوراً نوعياً في العلاقات، وفق خبراء اقتصاد بمصر وعضو مجلس محلي فرنسي، تحدثوا لـ«إرم بزنس»، حيث تمنح البلدين فرصاً لتعزيز التعاون، ولا سيما في مجالات النقل والتكنولوجيا والدفاع والبنية التحتية، في ظل مخاوف من حرب تجارية جراء رسوم جمركية أميركية تصل إلى أكثر من 34% على مختلف أنحاء العالم.
ووصل ماكرون إلى القاهرة مساء الأحد، في مستهل زيارة تستمر لمدة ثلاثة أيام، في رابع زيارة له لمصر، بحسب معلومات نشرتها هيئة الاستعلامات المصرية الرسمية بموقعها الإلكتروني، ويشهد مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، توقيع 10 اتفاقيات مؤسسية بين الحكومتين المصرية والفرنسية، و12 اتفاقية اقتصادية خلال منتدى الأعمال، تشمل مجالات الصحة، النقل، المياه، والطاقة المتجددة، وتوقيع شراكات بين جامعات فرنسية ومصرية.
ويرافق ماكرون وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد والصحة والنقل والبحث العلمي، وتشهد الزيارة أيضاً «توقيع اتفاق شراكة استراتيجية (على غرار أخرى وقعتها القاهرة مع الاتحاد الأوروبي مؤخراً)، مع عقد منتدى الأعمال المشترك برئاسة قيادتي البلدين يتناول مسائل الصحة والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، فضلاً عن النقل الذي سيحظى بجلسة خاصة، نظراً للتعاون القديم والواسع بين الطرفين في هذا القطاع»، وفق المصدر ذاته.
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا 2.9 مليار دولار خلال عام 2024، مقارنة بـ2.5 مليار دولار خلال عام 2023، وفق ما أعلنه الجهاز المركزي للإحصاء المصري الأحد. وسجلت الصادرات المصرية إلى فرنسا مليار دولار خلال عام 2024، مقابل 855.4 مليون دولار في 2023، بينما بلغت الواردات المصرية من فرنسا 1.8 مليار دولار خلال عام 2024، مقارنة بـ 1.7 مليار دولار في 2023.
وبحسب تصريحات وزير الاستثمار حسن الخطيب في سبتمبر 2024، والسفير الفرنسي بالقاهرة إريك شفاليه في فبراير 2025، تعد فرنسا إحدى أكبر الدول المستثمرة في السوق المصري باستثمارات تبلغ 7 مليارات يورو في عدد 180 مشروعاً توفر نحو 50 ألف فرصة عمل في قطاعات التصنيع والاتصالات، إلى جانب 900 شركة، فيما تتوقع أن تصل قيمة الاستثمارات إلى 8 مليارات يورو في نهاية العام الجاري، بزيادة مليار يورو.
وتأتي زيارة ماكرون إلى مصر في ظل تداعيات قرارات الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة دونالد ترامب، والتي أثارت مخاوف من اندلاع حرب تجارية، ووصفها ماكرون الخميس بأنها «وحشية وغير مبررة» وتشكل صدمة للتجارة الدولية، داعياً أوروبا للرد.
وسجل الجنيه المصري، الأحد، أدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار الأميركي، متجاوزاً 51 جنيهاً، بخلاف الاقتصاد الفرنسي الذي يواجه تباطؤاً ملحوظاً في النمو، بنسبة لا تتجاوز 0.1% في الربع الأول من 2025، وفق تقديرات سابقة على إعلان ترامب رسومه الجمركية.
والثلاثاء، اعتمد البرلمان الأوروبي بالقراءة الأولى قرار إتاحة الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي الكلي المقدمة من التكتل بقيمة 4 مليارات يورو، عقب الانتهاء من إجراءات صرف الشريحة الأولى بقيمة مليار يورو في شهر ديسمبر الماضي، وينتظر اعتماداً على مستوى سفراء دول الاتحاد خلال نحو شهر، وفق بيان للخارجية المصرية.
وترى عضو المجلس المحلي بمدينة فرساي الفرنسية، جيهان جادو، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن العلاقات المصرية الفرنسية راسخة منذ زمن بعيد، وليست وليدة اللحظة، وبكل تأكيد فإن زيارة ماكرون والقمة ستحمل دعماً جديداً لاستثمارات باريس بالقاهرة وتعزيزاً لتواجدها خاصة في ظل توترات الرسوم الجمركية مع ترامب.
وتؤكد جادو أن الزيارة تحمل ملفات مهمة، وفي مقدمتها الملف الاقتصادي، وهذا يتضح باصطحاب ماكرون وزير الاقتصاد ضمن الوفد الذي يزور القاهرة، وهي دلالة على رغبة في تعميق الشراكات والتعاون بين البلدين، الذي يتوقع أن يزداد في ضوء سعي فرنسي لوُجود أكبر بمنطقة الشرق الأوسط التي باتت متخمة بالحروب العسكرية، وتواجه أيضاً تداعيات الحروب التجارية وتداعيات الرسوم الجمركية الأميركية المضرة باقتصاد الجميع.
كما أن المجال الدفاعي والبنية التحتية والتكنولوجيا، من أبرز الملفات الاقتصادية التي ستنقل علاقات مصر وفرنسا بحسب «جادو»، خطوات للأمام بناء على ما تم سابقاً وتعزيزه الفترة المقبلة، في ظل فرص تعاون كبيرة وتنام مستمر على طاولة محادثات البلدين، وتوترات المنطقة والحروب التجارية.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء المصري، سجلت قيمة الاستثمارات الفرنسية في مصر 483.8 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقابل 591.3 مليون دولار خلال 2022/2023، في حين بلغت قيمة الاستثمارات المصرية في فرنسا 238.3 مليون دولار خلال 2023/2024، مقابل 284.2 مليون دولار في العام السابق.
ويرى رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، الدكتور رشاد عبده، في حديث مع «إرم بزنس»، أن الزيارة ستقود التعاون الاقتصادي بين البلدين لفرص أرحب وتعاون متنام، في ظل الدور المحوري لفرنسا بأوروبا ومصر بالشرق الأوسط.
وباعتقاد عبده، فإن زيارة ماكرون تأتي في ظل تداعيات إجراءات ترامب، وبالتالي ستسعى لتوثيق التعاون وزيادة الاستثمارات ودعم فرنسي بما له من ثقل أوروبي للقاهرة التي تنتظر صرف الشريحة الأوروبية الثانية، مرجحا زيادة التعاون في مجالات التكنولوجيا والنقل والبنية التحتية، ولا سيما والزيارة ستشهد توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية وهي مهمة، وتحمل فرصاً مستقبلية مهمة للقاهرة.
ويتفق معه رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، خالد الشافعي، في حديث لـ«إرم بزنس» على أهمية الزيارة، متوقعاً في ظل التوافق السياسي بين قيادتي البلدين أن ينعكس ذلك إيجابياً بمزيد من الاتفاقات والتفاهمات الاقتصادية لزيادة الاستثمارات خاصة مع توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي ستعمل على إحياء فرص جديدة وتحريك التعاون في مجالات عديدة محل اهتمام البلدين.
وباعتقاد خالد الشافعي، فإن فرنسا لما لها من قوة ورمانة ميزان بالاتحاد الأوروبي، ستساعد مصر كثيراً الفترة المقبلة انطلاقاً من تلك الزيارة لدعم صرف الشريحة الثانية سريعاً واقتراح آليات أكثر لدعم مصر في ظل ما تتحمله اقتصادياً جراء أزمات المنطقة وزيادة أعباء اللاجئين.
