في خطوة تهدد بتصعيد النزاع التجاري، أضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب معركة ضريبية إلى حربه ضد ما يعتبره ممارسات غير عادلة في التجارة العالمية، فقد انتقد ترامب الاتفاق الذي أبرمته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في 2021، والذي ينص على فرض معدل ضريبي أدنى بنسبة 15% على أرباح الشركات متعددة الجنسيات التي تتجاوز مبيعاتها 750 مليون دولار، هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين حوالي 140 دولة، كان قد أعلن عنه ترامب سابقاً خلال حملته الانتخابية.
وفي مذكرة نشرها البيت الأبيض مساء الاثنين الماضي، أكد ترامب أنه يسعى إلى «استعادة السيادة والتنافسية» للولايات المتحدة، معتبرًا أن هذا الاتفاق لا يقتصر على السماح للدول الأجنبية بفرض ضرائب على الأرباح الأميركية، بل يحد من قدرة الولايات المتحدة على تبني سياسات ضريبية تخدم مصالح الشركات والعمال الأميركيين، وأوضح ترامب أن «هذا الاتفاق الضريبي العالمي لا يتمتع بأي قوة أو تأثير في الولايات المتحدة».
وفي رد فعل على تصريحات ترامب، قال ماتيا كورمان، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن الولايات المتحدة كانت قد أبدت قلقها بشأن جوانب متعددة من الاتفاق الضريبي الدولي، معربًا عن استمراره في العمل مع الولايات المتحدة والدول الأخرى في إطار التعاون الدولي لتجنب الازدواج الضريبي وحماية القواعد الضريبية.
من جانبها، أعربت المفوضية الأوروبية عن أسفها على محتوى البيان الصادر عن البيت الأبيض، لكنها أكدت أهمية التباحث مع الإدارة الأميركية الجديدة لفهم مخاوفها وشرح الموقف الأوروبي، وقال فالديز دومبروفسكيس، مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، إن قرار ترامب قد يفتح الطريق لمواقف شديدة من الولايات المتحدة في المنظمة.
يبدو أن القلق الأميركي يتركز على القواعد الخاصة بمعاملة اعتمادات البحث والتطوير (R&D) التي تتيح تقليل المعدل الضريبي، وقد أضافت الولايات المتحدة معدل ضريبة أدنى بنسبة 10% في إطار إصلاحها الضريبي خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وفي هذا السياق، يحاول ترامب الحفاظ على حرية الولايات المتحدة في استخدام هذه الاعتمادات لتعزيز الابتكار والاستثمار، دون أن يواجه ضرائب إضافية من قبل دول أخرى قد تهدد تنافسية الشركات الأميركية.
لتعويض هذا التطور، هدد ترامب باتخاذ إجراءات انتقامية تجارية ضد الدول التي تطبق أو تنوي تطبيق الاتفاق الضريبي الذي دعمته المنظمة، وقد أمر وزارة الخزانة الأميركية بالتحضير لتدابير «حماية» ضد الدول التي تؤثر قوانينها الضريبية بشكل غير متناسب على الشركات الأميركية، ومنح ترامب وزارة الخزانة 60 يوماً لإعداد تقرير مفصل حول هذا الموضوع.
قال ألي رينيسون، المسؤول السابق في وزارة التجارة البريطانية، إن هذا القرار يظهر أن ترامب يوسع نطاق «حربه الاقتصادية» لتشمل قوانين الضرائب الوطنية، ما يعكس إبداعه في تطبيق استراتيجيته «أميركا أولاً» في مواجهة ممارسات الدول الأخرى.
الدول التي تبنت هذا المعدل الضريبي الأدنى مثل الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان، وكندا، ستكون في الصف الأمامي لهذا التصعيد. في فترة ولايته الأولى، كان ترامب قد اصطدم بالقادة الأوروبيين بشأن الضرائب الرقمية التي فرضتها بعض الدول الأوروبية على الشركات التقنية الكبرى مثل «غوغل»، و«أبل»، و«فيسبوك».