تلقى صانعو القرار في البنك المركزي الأوروبي دفعة من الارتياح بعد أن امتنعت الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة كانت مثار قلق الأسواق. مع هذا التطور، تبدو الخطوة المرتقبة بخفض أسعار الفائدة من البنك الأسبوع المقبل شبه مؤكدة.
على الرغم من التصريحات التهديدية، تجنبت الإدارة الأميركية استهداف أوروبا بالتحديد، ما أدى إلى ارتفاع قيمة اليورو وانخفاض أسعار النفط والعوائد، إضافة إلى تعزيز الرهانات على استمرار البنك المركزي الأوروبي في تخفيض الفائدة.
في الأسابيع الأخيرة، كانت توقعات المستثمرين بخفض الفائدة محدودة بسبب المخاوف من تأثير قوة الدولار وارتفاع تكاليف الطاقة والإجراءات التجارية الانتقامية التي قد تزيد التضخم، ومع انحسار هذه المخاوف، تزايدت التوقعات بأن البنك المركزي الأوروبي سيواصل خطواته نحو خفض الفائدة.
تحدث المستثمرون عن احتمالات أسوأ، بما في ذلك فرض رسوم جمركية شاملة، ولكن التركيز الأميركي على دول مثل المكسيك وكندا والصين جلب بعض الطمأنينة للأسواق الأوروبية.
يرى موهيت كومار من شركة «جيفريز» أن البنك المركزي الأوروبي قد يخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير ومارس، مع احتمال اتخاذ خطوة إضافية في أبريل إذا استقرت البيانات الاقتصادية.
وأضاف كومار: «نتوقع الآن أربعة تخفيضات للفائدة هذا العام، ما يشير إلى تغير ملحوظ في النظرة مقارنة بالأيام القليلة الماضية عندما كانت التخفيضات الأربعة بعيدة الاحتمال».
قوة الدولار منذ الانتخابات الأميركية في نوفمبر الماضي كانت عنصراً رئيساً في دعم توقعات خفض الفائدة، حيث إن ارتفاع العملة الأميركية يزيد التضخم الأوروبي عبر تأثيره المباشر على أسعار الطاقة المُقومة بالدولار.
مؤشر الدولار تراجع بنسبة 1.3% مقارنة بمستوياته المرتفعة الأسبوع الماضي، وقد يشهد انخفاضاً إضافياً مع عودة الأسواق الأميركية للعمل بكامل طاقتها.
وذكرت مؤسسة «آي إن جي» في مذكرة: «من المحتمل أن نشهد تراجعاً إضافياً مؤقتاً للدولار، ولكن هذه الحركة تبدو مجرد انعكاس قصير الأجل.»
يبقى المستثمرون حذرين من سرعة تغيّر السياسة الأميركية في ظل ترامب، الذي هاجم في السابق سياسات التحفيز المالي للبنك المركزي الأوروبي، متهماً إياها بأنها تضر بالمنافسة العادلة.
ومع ذلك، يؤكد خبراء الاقتصاد أن البنك المركزي الأوروبي مضطر لمواصلة خفض الفائدة، حتى لو شددت الإدارة الأميركية موقفها تجاه الاتحاد الأوروبي، الذي حقق فائضاً تجارياً كبيراً مع الولايات المتحدة لسنوات.
يرى خبراء في «نورديا» أن الرسوم الجمركية الأميركية، إذا فرضت، ستؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، ما يعزز من دوافع البنك المركزي لخفض الفائدة أكثر.
وأضافت الشركة: «نتوقع ثلاثة تخفيضات أخرى بواقع 25 نقطة أساس لكل منها، مع احتمالات أن تمتد فترة التخفيضات إلى ما هو أبعد من المتوقع حالياً.»
ختاماً، يبدو أن التطورات الأخيرة في السياسة الأميركية عززت ثقة الأسواق بأن البنك المركزي الأوروبي سيواصل استخدام أدواته النقدية للتعامل مع التحديات الاقتصادية التي تواجهها المنطقة.