وفي تطور آخر خسارتها للنيجر، تلقت فرنسا ضربة جديدة في المغرب، إذ أزاحت الاستثمارات الأميركية نظيرتها الفرنسية، من عرش الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد، ما يعني تحولاً كبيراً بعد أن ظلت فرنسا لسنوات كثيرة في أعلى الترتيب للدول، التي تتدفق منها رؤوس الأموال إلى المغرب، من حيث صافي التدفقات (Flux Net IDE).
وأكدت البيانات صعوداً قوياً للاستثمارات الأميركية في المغرب، من 436 مليون درهم عام 2020 إلى 692 مليون درهم في 2021، قبل أن تتضاعف بكثافة لتصل إلى 7409 ملايين درهم (أي 7.4 مليار درهم)، مقابل 3.2 مليار درهم فقط للاستثمارات القادمة من فرنسا.
لكن في المقابل لا تزال فرنسا في المقدمة من حيث توزيع احتياطيات الاستثمار الأجنبي المباشر، "كأكبر حائز لرأس المال الأجنبي في المغرب" بنحو 31% من الإجمالي.
وأثارت الاضطرابات في النيجر مخاوف بشأن مجموعة "أورانو" الفرنسية، التي تدير منجماً كبيراً في البلاد، وطرحت تساؤلات عدة حول مدى اعتماد باريس على يورانيوم النيجر، خاصة أن نحو 70% من توليد الطاقة فيها يعتمد على الطاقة النووية.
وتدير شركة "أورانو" الفرنسية للوقود النووي مواقع لتعدين اليورانيوم في شمال النيجر، وهي منطقة معرضة لتهديدات أمنية.
وبعد توقفها عن استخراج اليورانيوم على أراضيها منذ حوالي 20 عاماً، عمدت فرنسا إلى تنويع مصادرها من اليورانيوم المستخدم في المفاعلات واعتمدت بشكل أساسي على ثلاث دول، لتأمين ما تحتاجه من اليورانيوم الطبيعي، مثل النيجر التي تغطي 20% من هذه الاحتياجات.
وكان ما يقرب من ثلث البلدان الإفريقية تحت السيطرة الفرنسية، في مرحلة ما من تاريخها.
كان لهذا تأثير قوي في الشؤون الثقافية والعسكرية والاقتصادية، لكن بعد أكثر من 60 عاماً من الاستقلال، لم تعد فرنسا القوة المهيمنة.
وبدأ التراجع في أوائل القرن الحادي والعشرين، وعلى مدار العقدين الماضيين، جُردت فرنسا من لقبها كمورد ومستثمر رائد في القارة.
وبينما زادت الصادرات الفرنسية إلى إفريقيا بشكل كبير، انخفضت قيمتها الإجمالية إلى النصف بين عامي 2000 و2021.
ويرجع هذا إلى حد كبير إلى زيادة الطلب من المستهلكين الأفارقة، الذي تضاعف أربعة أضعاف، وظهور منافسين جدد.
وبدأت الصين في قضم حصة السوق الفرنسية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتجاوزتها في عام 2007.
وتمتلك الصين حوالي17% من السوق الإفريقية، أي ثلاث مرات أكثر من فرنسا.
قبل 6 سنوات، تفوقت ألمانيا على فرنسا باعتبارها المورد الأوروبي الرئيسي لإفريقيا.
وفيما يتعلق بالاستثمار في القارة، تحتل هولندا مراكز متقدمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات، تختار تسجيل مقارها هناك للاستفادة من معدلات ضرائب الشركات المنخفضة.
وتكشف نظرة فاحصة على أرقام التجارة الخارجية لفرنسا، أن شركاءها الأفارقة الرئيسيين، لم يعودوا يأتون من دول غرب إفريقيا المفضلة الناطقة بالفرنسية.
هذه البلدان تمثل أقل من 1% من حصة السوق الفرنسية.
في ترتيب البلدان التي تعتبر الأكثر فائدة لإفريقيا، تحتل فرنسا المرتبة التاسعة بعد تركيا والإمارات العربية المتحدة. فيما احتلت الولايات المتحدة وكندا وألمانيا المراكز الثلاثة الأولى.