logo
اقتصاد

الاقتصاد الأميركي.. لماذا تعجز التحليلات التقليدية عن تفسير التقلبات؟

الاقتصاد الأميركي.. لماذا تعجز التحليلات التقليدية عن تفسير التقلبات؟
بائع يعرض منتجات في ساحة الاتحاد في مانهاتن، مدينة نيويورك الأميركية، 22 سبتمبر 2024.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:22 أكتوبر 2024, 06:44 م

في الوقت الذي يسعى فيه مستثمرو وخبراء الاقتصاد إلى تبسيط التحليلات الاقتصادية، يتبين أن العديد من التفسيرات الشائعة حول الاقتصاد الأميركي لم تعد صالحة كما كانت.

وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن الفرضيات الأساسية التي بُنيت عليها هذه التحليلات الاقتصادية تعرضت منذ جائحة «كورونا» لاختبار قاسٍ، حيث تكررت التوقعات الخاطئة بشكل ملحوظ.

كما تراجعت الفرضيات المتعلقة بأثر الإنفاق الحكومي، والسياسة النقدية، والعلاقة التقليدية بين النمو والتضخم والبطالة؛ ما أثار الشكوك حول صحة تلك الأسس التقليدية لفهم الاقتصاد الحديث.

دور الإنفاق الحكومي

وفقاً للتقرير، كان يُعتقد أن الإنفاق الحكومي الكبير سيؤدي حتماً إلى ارتفاع التضخم، حيث حذّر كل من وزير الخزانة الأميركي السابق لورانس سامرز، وكبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي أوليفييه بلانشارد في عام 2021 من أن حزمة التحفيز التي قدمها الرئيس الأميركي جو بايدن والبالغة 1.9 تريليون دولار ستزيد من سخونة الاقتصاد وتؤدي إلى تضخم أعلى.

وعلى الرغم من صحة هذه التوقعات الأولية وارتفاع التضخم في البداية، إلا أن استمرار الإنفاق الحكومي لم يسفر عن زيادة إضافية في التضخم كما كان متوقعاً. 

ورغم أن العجز الفيدرالي كان أكبر في السنوات الأخيرة مقارنة بأي فترة سابقة خارج الحروب والأزمات الاقتصادية الكبرى، إلا أن الاقتصاد استمر في النمو دون ارتفاع مستمر في التضخم.

أخبار ذات صلة

الأسواق الأميركية تتباين وسط زخم في النتائج الفصلية

الأسواق الأميركية تتباين وسط زخم في النتائج الفصلية

بدوره، أشار بلانشارد لاحقاً إلى أن جزءاً كبيراً من التحفيز تم إدخاره، مما قلل من تأثيره التضخمي الفوري. كما أن اضطرابات سلسلة التوريد، التي وصفها رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأنها «مؤقتة»، كانت عاملاً رئيساً في ارتفاع التضخم، لكن حل تلك المشاكل، بدأ التضخم في الانخفاض.

حدود السياسة النقدية

لم تثبت السياسة النقدية أنها دليل موثوق للتنبؤات الاقتصادية، حيث كان هناك إجماع بين الاقتصاديين على أن رفع أسعار الفائدة من الصفر إلى أكثر من 5% في فترة قصيرة سيؤدي حتماً إلى ركود اقتصادي، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً.

بالإضافة إلى ذلك، استمر الطلب الاستهلاكي، الذي يُعد مقياساً مهماً لصحة الاقتصاد، في النمو بنفس الوتيرة التي كان عليها قبل الجائحة، مما يتعارض مع التوقعات التي تشير إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة سيؤدي إلى تباطؤ في الإنفاق.

ومن المفترض أن يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى تقليص الطلب وبالتالي خفض التضخم، لكن الطلب لم يتباطأ كما كان متوقعاً، بل استمر التضخم في الانخفاض، ما أضعف الثقة في الافتراضات التقليدية حول تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد.

الوظائف والتضخم

لم تعد العلاقة التقليدية بين البطالة والأجور والتضخم، التي كان يُعتمد عليها في منحنى «فيليبس» الذي يدرس العلاقة بين البطالة والأجور، تعمل كما كان متوقعاً منذ جائحة «كورونا».

أخبار ذات صلة

الأسواق الأميركية تخالف استطلاعات الرأي.. رهانات فوز ترامب تتزايد

الأسواق الأميركية تخالف استطلاعات الرأي.. رهانات فوز ترامب تتزايد

وطوّر كل من بلانشارد ورئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق بن برنانكي نموذجاً جديداً يأخذ في الاعتبار عدد العاملين المتاحين لكل وظيفة شاغرة، لكن هذا النموذج لم يكن قادراً على تفسير مرونة سوق العمل أو انخفاض التضخم بشكل كامل.

ومع مرور الوقت، اتضح أن النمو السريع في الإنتاجية وزيادة الهجرة أسهما في توسيع قوة العمل وتقليل الضغوط التضخمية على الأجور، حيث كانت هذه العوامل غير متوقعة ولم تُؤخذ بعين الاعتبار بشكل كافٍ.

التوقعات الاقتصادية

اتسمت التوقعات الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة بعدم الدقة، فعلى سبيل المثال، في أكتوبر 2021، توقع الاقتصاديون نمواً بنسبة 4% لعام 2022، ولكن بعد عام، تم تخفيض التوقعات إلى 1.7%.

وفي حين توقع العديد منهم ركوداً، نما الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.5% في ذلك العام. وفي عام 2023، تم تعديل التوقعات مجدداً لتعكس القوة غير المتوقعة للاقتصاد، رغم أن التوقعات لعام 2024 لا تزال حذرة.

ويستمر الاقتصاد الأميركي في تحدي النماذج الاقتصادية التقليدية، ما يترك الاقتصاديين في حالة من عدم اليقين حول ما إذا كانت العوامل الأخيرة، مثل مدخرات التحفيز واضطرابات سلسلة التوريد والهجرة، حالات استثنائية أم أصبحت جزءاً من واقع اقتصادي جديد.

وعلى الرغم من أن السرديات البسيطة قد تكون مفيدة لفهم سلوك الأسواق، إلا أنها تفشل مراراً في تفسير تعقيدات الاقتصاد الأميركي الحالي، وفقاً للتقرير.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC