logo
اقتصاد

بعد إعلان ماكرون عن انتخابات مبكرة.. الاقتصاد الفرنسي إلى أين؟

بعد إعلان ماكرون عن انتخابات مبكرة.. الاقتصاد الفرنسي إلى أين؟
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرونالمصدر: رويترز
تاريخ النشر:13 يونيو 2024, 03:44 م

اعتبر تقرير أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لا يخاطر بحياته السياسية فقط من خلال دعوته لإجراء الانتخابات المبكرة، بل يخوض مخاطرة كبيرة مع الاقتصاد الفرنسي. 

ومنذ الإعلان عن الانتخابات المبكرة، تأثرت الأسواق الفرنسية بشكل كبير، حيث يخشى المستثمرون من حصول السيناريو الأسوأ الذي في حال حصول حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف على المزيد من القوة، الأمر الذي قد يعطل العمل في البرلمان، ويحدث فجوات أكبر في ميزانية فرنسا التي تعاني من العجز. 

وفي أعقاب دعوة ماكرون إلى إجراء الانتخابات يوم الأحد الماضي، تفاعلت الأسواق بشكل فوري، وتراجع مؤشر كاك 40 الفرنسي نحو 3%، بينما ارتفع العائد على السندات الحكومية القياسية لأجل 10 سنوات، وهو مقياس للمخاطر الاقتصادية والسياسية إلى مستويات قياسية جديدة. 

وفي وقت سابق من هذا الشهر، عانت فرنسا بالفعل من خفض تصنيفها الائتماني من قبل وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، والتي أشارت إلى أن الانقسام السياسي أحد أسباب الخطوة التي اتخذتها. 

وأوضح تقرير "بوليتيكو" أنه على الرغم من أن فرنسا لم تنحدر بعد إلى نفس فئة المخاطر مثل إيطاليا المثقلة بالديون، إلا أن مشتري السندات باتوا ينظرون الآن إلى الديون الفرنسية على أنها استثمار ينطوي على مخاطر مماثلة لتلك التي تواجهها البرتغال. 

وفي مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، سارع ماكرون إلى استغلال ناقوس الخطر في الأسواق كإشارة إلى ضرورة حشد الناخبين ضد التجمع الوطني، وتطرق إلى أن التذبذبات في سوق الديون ضربت الاقتصاد الحقيقي بسرعة.

ودعا ماكرون إلى إجراء انتخابات وطنية بعد تعرض حزبه إلى هزيمة ساحقة في انتخابات الاتحاد الأوروبي، على أمل أن يتمكن من حشد جبهة موحدة ضد اليمين المتطرف، إلا أن المأزق الحقيقي يكمن في أن اليمين المتطرف، حتى لو لم يفز بأغلبية مطلقة، سيبقى قادراً على خلق مأزق سياسي فوضوي، بحسب التقرير. 

وتشمل الأهداف الاقتصادية الرئيسية لـ"التجمع الوطني"، خفض سن التقاعد من 64 إلى 60 عاماً، وهو ما ينسف تماماً أحد الإصلاحات الاقتصادية التاريخية التي أطلقها ماكرون. 

وانتقد وزير المالية برونو لومير، العواقب المحتملة لوصول "التجمع الوطني" إلى السلطة، وقال في مقابلة تلفزيونية، إن برنامج التجمع الوطني هو برنامج "ماركسي" بحت. 

قنبلة الديون

أوضح التقرير أن دعوة ماكرون لإجراء انتخابات لا تثير شبح المشاكل على الجبهة الداخلية فقط، حيث تعد فرنسا واحدة من الأعضاء المؤثرة بشكل كبير بقواعد العجز في الاتحاد الأوروبي، وتؤدي الفوضى السياسية إلى المزيد من التوترات مع بروكسل. 

وبعد الدعوة للانتخابات، سارعت وكالات التصنيف الائتماني أيضاً إلى دق ناقوس الخطر، وأشار المحللون في وكالة مويز للتصنيف الائتماني، وهي أحد الوكالات التي لم تخفض تصنيفها الائتماني لفرنسا بعد، إلى أن الأمر قد لا يتطلب الكثير لتغيير رأيهم. 

وكتبت المحللة في موديز سارة كارلسون وفريقها يوم الاثنين، "عدم الاستقرار السياسي المحتمل يمثل خطراً ائتمانياً للمشهد المالي الصعب الذي سترثه الحكومة المقبلة، مشيرةً إلى أن عبء ديون فرنسا من المقرر أن يستمر في التوسع ليصل إلى 115% من الناتج الحلي الإجمالي بحلول 2027، بعد أن كان العجز عند 98% في عام 2019، و64% في عام 2007. 

وخفضت باريس مصاريف الموازنة بـ20 مليار يورو هذا العام وتخطط لخفض ما لا يقل عن 20 مليار يورو أخرى في عام 2025.

ترتيب حكومي 

وفي حالة فوز اليمين المتطرف بالأغلبية، وهو أمر غير مرجح ــ ولكنه ممكن ــ فإن التقليد سوف يفرض على ماكرون ترشيح رئيس وزراء من حزب التجمع الوطني اليميني، والذي سيكون بعد ذلك مسؤولاً عن وضع سياسات الحكومة. وقد عرض نجم الحزب الصاعد، جوردان بارديلا، البالغ من العمر 28 عاماً، نفسه بالفعل لهذا المنصب.

وعارض "التجمع الوطني" مراراً وتكراراً إصلاحات ماكرون بشأن نظام التقاعد وتخفيضات الإنفاق الأخرى التي اقترحها وزير المالية لومير. وعندما رفع ماكرون سن التقاعد لمعظم العمال إلى 64 عاما من 62 عاماً العام الماضي، قامت مارين لوبان من حزب التجمع الوطني بحملة من أجل خفضه إلى 60 عاماً لبعض فئات العمال.

وفي حين أن الحزب لم ينشر بياناً للانتخابات المقبلة، فقد قدر معهد مونتاني للبحوث أن السياسات الاقتصادية التي دعت إليها لوبان في انتخابات عام 2022 كانت ستؤدي إلى زيادة العجز بمقدار كبير قدره 101 مليار يورو سنوياً.

عجز الميزانية

وفي 19 يونيو الجاري، ستنشر المفوضية تقريراً عن فرنسا و10 دول أخرى تعاني من "عجز مفرط" في عام 2023. وتقف فرنسا عند الحد الأعلى للعجز البالغ 3% من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن عانت من عجز بلغ 5.5% العام الماضي.

ويتعين على البلدان التي تتجاوز حد الـ3% أن تخفض عجزها سنوياً على مدى عدد من السنوات حتى يصبح الدين إما على مسار هبوطي ثابت، أو مستقر عند مستوى مقبول تقرره المفوضية.

ومن "المستبعد" أن تصل باريس إلى مستوى 3% بحلول عام 2027، بحسب وكالة موديز.

ومن الناحية الفنية يرى التقرير أنه لا بد من فرض غرامات على البلدان بسبب الديون والعجز المفرطين، ولكن فرنسا كانت تحظى دوماً بقدر كبير من التراخي السياسي من جانب الاتحاد الأوروبي، لكن يرى مراقبون أن حكومة التجمع الوطني الراغبة في إجراء تغيير جذري في السياسة ستواجه قريباً قيوداً خارجية "يصعب الالتفاف عليها"، في الأسواق المالية والاتحاد الأوروبي. 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC