تتسارع التطورات في قطاع صناعة السيارات حول العالم، وخاصة في مجال صناعة بطاريات السيارات. فقد انتقلت الصناعة تدريجياً من البطاريات التقليدية إلى البطاريات الكهربائية، ثم جاءت آخر الصيحات وهي خلايا وقود الهيدروجين التي تمثل نقلة نوعية نحو مستقبل أكثر استدامة للسيارات الكهربائية.
تعد خلايا وقود الهيدروجين تقنية واعدة في مجال السيارات الكهربائية، حيث تجمع بين كفاءة عالية وانبعاثات نظيفة وصمت في التشغيل. ورغم وجود بعض التحديات، إلا أن المستقبل يبدو واعداً لهذه التقنية التي من شأنها أن تساهم في تحقيق الاستدامة البيئية.
وخلايا وقود الهيدروجين هي تقنية بديلة لتخزين وتوليد الطاقة، حيث تقوم بتحويل الهيدروجين إلى كهرباء باستخدام تفاعل كيميائي مع الأكسجين في الهواء، ويُنتج هذا التفاعل الماء كمنتج ثانوي فقط.
وفي السيارات التي تعمل بهذه الخلايا، يتم تخزين الهيدروجين في خزانات خاصة داخل السيارة، وعند تفاعل الهيدروجين مع الأكسجين في الخلية، يتم إنتاج الكهرباء التي تُستخدم لتشغيل المحرك الكهربائي.
بينما في البطاريات التقليدية، يتم تخزين الطاقة الكهربائية في خلايا بطارية، مثل بطاريات الليثيوم أيون، وتحويلها مباشرة إلى طاقة لتشغيل المحرك. وتوفر خلايا وقود الهيدروجين مدى أطول في القيادة ووقت تعبئة أسرع مقارنة بالبطاريات التي تحتاج إلى وقت طويل للشحن.
وفي لقاء خاص أجرته «إرم بزنس» مع شاهين أواستي، المدير التنفيذي لشركة (Lubagulf)، والخبير في حلول الطاقة للسيارات وتكنولوجيا البطاريات، صرح بأن عالم السيارات الكهربائية أصبح من الماضي وأن الطفرة الحالية باتجاه خلايا وقود الهيدروجين.
ووصف أواستي التقنية الحديثة بوقود المستقبل، الذي سيتم من خلالها الاستغناء نهائياً عن البطاريات التقليدية وعن بطاريات السيارات الكهربائية المصنعة من معدن الليثيوم أيون، وذلك لما تتمتع به خلايا وقود الهيدروجين من إمكانات فاقت مثيلاتها من البطاريات في الجودة والكفاءة.
وتابع أواستي، على هامش «أوتوميكانيكا دبي»، المعرض التجاري الدولي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لقطاع خدمات المركبات، الذي عقدت دورته الـ21 من 10 إلى 12 ديسمبر 2024 بمركز دبي التجاري العالمي، أن خلايا وقود الهيدروجين تتمتع بكفاءة عالية في تحويل الطاقة، حيث يتم إنتاج الكهرباء بشكل مستمر طالما توفر الهيدروجين والأكسجين، مما يزيد من مدى القيادة بشكل كبير مقارنة ببطاريات السيارات الكهربائية والتقليدية.
كما أن خلايا وقود الهيدروجين تتميز بسرعة التزود بالوقود في وقت قصير جداً، مما يجعلها أكثر عملية للاستخدام اليومي، مقارنة بالسيارات الكهربائية التي تحتاج إلى ساعات من الشحن لتعمل على مدى قصير يصل إلى 50 كيلومتراً.
وأردف الخبير في حلول الطاقة وتكنولوجيا البطاريات أن خلايا وقود الهيدروجين تعد من أنظف التقنيات المستخدمة في توليد الطاقة، حيث ينتج عن تفاعل الهيدروجين مع الأكسجين بخار الماء فقط، دون انبعاثات ضارة بالبيئة، مما يساهم في الوصول إلى هدف «صفر كربون»، بعكس السيارات التقليدية التي تنتج انبعاثات ضارة، والسيارات الكهربائية التي تظل أقل ضرراً.
كما أكد أواستي أن السيارات التي تعتمد على خلايا وقود الهيدروجين تعمل بصمت تام، مما يجعلها صديقة للبيئة والمجتمع.
على الرغم من المزايا العديدة التي تتمتع بها خلايا وقود الهيدروجين، إلا أن هناك عدة تحديات تواجه تطويرها وتطبيقها على نطاق واسع في الشرق الأوسط، وأبرزها تكلفة الإنتاج المرتفعة نسبياً، مما يحد من انتشارها.
كما أن البنية التحتية المطلوبة لهذه التقنية تتطلب استثمارات ضخمة ومتخصصة في تخزين ونقل الهيدروجين، وهو ما يُعد السبب الأبرز، بحسب أوراستي، الذي حال دون دخول خلايا وقود الهيدروجين إلى المنطقة حتى الآن.
ويرى الخبير أن خلايا وقود الهيدروجين، رغم أنها توفر مدى قيادة أطول، إلا أن كثافة الطاقة في الهيدروجين أقل من كثافة الطاقة في البنزين، مما قد يحد من سعة خزانات الهيدروجين في السيارات.
ورغم هذه التحديات، يؤمن أوراستي أن خلايا الوقود تمثل المستقبل في مجال الطاقة النظيفة، وأن التطورات التكنولوجية المستمرة ستسهم في خفض تكاليف الإنتاج وتحسين أداء هذه التقنية. كما أن العديد من الشركات تعمل على تطوير بنية تحتية متكاملة للهيدروجين، مما سيسرع من عملية الانتقال إلى السيارات التي تعمل بخلايا الوقود.
وبحسب أوراستي، تعمل السيارات التي تعتمد على خلايا وقود الهيدروجين عبر عملية حرق الهيدروجين، التي تتم عن طريق اختلاط الهيدروجين بالأكسجين لإنتاج الماء. وتعد هذه التقنية الحديثة محط أنظار الباحثين والشركات المصنعة للسيارات في الشرق الأوسط وحول العالم.
تطرق شاهين أوراستي، إلى بطارية فوسفات الحديد والليثيوم (LFP)، وهي الابتكار الأحدث في مجال بطاريات الليثيوم أيون التي هيمنت على سوق السيارات الكهربائية.
وتعمل بطارية فوسفات الحديد والليثيوم على كسر الحواجز في سوق السيارات الكهربائية، إذ تستعد لإعادة تعريف صناعة البطاريات ومبيعات السيارات الكهربائية في أمريكا الشمالية وأوروبا. تتميز هذه البطارية بقوتها وخفة وزنها، بالإضافة إلى سرعة شحنها، مقارنة ببطاريات السيارات الكهربائية التي تعتمد على معدن الليثيوم، والتي تهيمن الصين على سوقها.
لذا؛ فإن عودة استخدام كيمياء بطارية فوسفات الحديد والليثيوم (LFP) في المركبات الكهربائية ودورها في مستقبل التنقل الإلكتروني يدفع للتساؤل عن البطارية الأفضل للسيارات الكهربائية، هل هي بطارية فوسفات الحديد والليثيوم (LFP)، أم بطارية «الليثيوم أيون» (Li-Ion).
وبإجابة علمية دقيقة، قال أوراستي: «نظراً لأن بطاريات الليثيوم أيون هي بطاريات قابلة لإعادة الشحن، ومن المحتمل أن يكون معظم الناس على دراية بها، فإن اختيارها يبدو منطقياً. كما تُستخدم في العديد من الأجهزة اليومية مثل الهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، والمركبات الكهربائية التي تسير على الطرق اليوم».
لكن في المقابل، أضاف شاهين أنه كلما كانت المعادن المستخدمة في موصلات البطارية طبيعية، كانت الخيار الأفضل وأدت إلى مدى أكبر.
واستشهد بسيارة تسلا كمثال، حيث تصل قيمة البطارية إلى 60% من التكلفة الإجمالية للسيارة، بالإضافة إلى الضمان المقدم على البطارية المصنعة من «الليثيوم أيون»، الذي يصل إلى 10 أعوام في العديد من شركات السيارات الكهربائية، في حين قد تصل تكلفة استبدال البطارية إلى 20 ألف دولار.