logo
طاقة

أزمة «حقول النفط» في ليبيا.. 3 حلول لتجنب فاتورة باهظة للاقتصاد

أزمة «حقول النفط» في ليبيا.. 3 حلول لتجنب فاتورة باهظة للاقتصاد
ميناء البريقة النفطي في شرق ليبيا يوم 24 سبتمبر 2020.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:4 سبتمبر 2024, 04:08 م

في ظل تحذيرات أممية من فقدان الثقة بالمؤسسة المالية الليبية، تواجه حقول النفط في ليبيا أزمة غير مسبوقة نتيجة الإغلاق المستمر الذي تشهده البلاد بسبب النزاع المستمر منذ أسابيع حول صلاحيات وإيرادات البنك المركزي بين الجهات الحاكمة. هذا النزاع كلّف الاقتصاد الليبي أكثر من 120 مليون دولار خلال ثلاثة أيام فقط، مما أثار مخاوف كبيرة بشأن تداعيات الأزمة على الاقتصاد الوطني.

خبراء نفط تحدثوا لـ«إرم بزنس» عن ثلاثة حلول لتجنب الفاتورة الباهظة للأزمة الحالية، وهي: الضغط الدولي، الوساطة الإقليمية، ومحاولات التفاهم بين الأطراف الشرقية والغربية. وحذروا من أن الاقتصاد الليبي قد يواجه خسائر كبيرة تشمل موجة تضخم غير مسبوقة، نظراً لأن النفط يشكل المورد الرئيسي للعملة الصعبة في البلاد.

وفي 29 أغسطس الماضي، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان عبر صفحتها أن خسائر الإنتاج والتصدير الناتجة عن إغلاق الحقول النفطية لمدة ثلاثة أيام بلغت مليوناً و504 آلاف برميل، ما يعادل خسائر مالية تصل إلى 120 مليوناً و378 ألفاً و640 دولاراً. كما توقفت صادرات النفط في الموانئ الليبية الرئيسة، واستمر انخفاض الإنتاج بعد فترة استقرار نسبي دامت نحو أربع سنوات، كانت خلالها ليبيا تنتج 1.2 مليون برميل نفطي يومياً.

أخبار ذات صلة

ما سبب إعلان القوة القاهرة بحقل "الفيل" النفطي في ليبيا؟

ما سبب إعلان القوة القاهرة بحقل "الفيل" النفطي في ليبيا؟

بدأت الأزمة في 18 أغسطس الماضي عندما أقال المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي محافظ البنك المركزي الصديق الكبير، وعيّن بدلاً منه مجلساً جديداً موالياً له. جاء هذا القرار بعد خمسة أيام من إعلان البرلمان في شرق ليبيا انتهاء ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة التي تسيطر على غرب البلاد.

رفض مجلس النواب المتمركز في الشرق الإقالة، مما دفع حكومة أسامة حماد في شرق البلاد، التي تتحكم في معظم حقول النفط وإنتاجها، إلى إعلان «حالة القوة القاهرة» ووقف إنتاج وتصدير النفط من جميع الحقول والموانئ حتى إشعار آخر، وذلك «لصيانة المال العام»، وحذرت الحكومة في بيان صادر في 26 أغسطس من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى «انهيار متسارع» للاقتصاد الوطني.

يشرف البنك المركزي الليبي على إدارة إيرادات النفط وميزانية الدولة، ووفقاً لإحصاءات سابقة، فإن إغلاقات حقول النفط قد كلفت الاقتصاد الليبي أكثر من 100 مليار دولار، خاصة منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 وما تلاه من انقسام في إدارة البلاد.

وفي تطور جديد، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، يوم الإثنين، حالة القوة القاهرة في حقل الفيل النفطي، الذي يُعد ثاني أكبر الحقول في البلاد. جاء هذا الإعلان بعد يومين من توقف ميناء الحريقة لتصدير النفط عن العمل، بسبب نقص إمدادات الخام، والذي نتج عن الإغلاق شبه الكامل لحقل السرير النفطي، المورد الرئيسي للميناء، والذي كان ينتج عادةً نحو 209 آلاف برميل يومياً.

أعلنت البعثة الأممية، في بيان صدر يوم الثلاثاء، أن المشاورات التي نظمتها بين ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في مقرها بطرابلس يومي الاثنين والثلاثاء أسفرت عن «تفاهمات هامة» بشأن أزمة مصرف ليبيا المركزي. وركزت المشاورات بشكل خاص على آلية وآجال تعيين محافظ ومجلس إدارة جديد للمصرف.

وطلب ممثلا المجلسين مهلة إضافية قدرها خمسة أيام لاستكمال مشاوراتهما والتوصل إلى توافق نهائي حول الترتيبات اللازمة لإدارة المصرف، حتى يتم تعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين، وفقاً للبيان.

ودعت البعثة كافة الأطراف الليبية إلى أخذ «التأثيرات السلبية لاستمرار أزمة مصرف ليبيا المركزي على الحياة اليومية للمواطنين وثقة المؤسسات المالية الدولية بالنظام المصرفي الليبي» بعين الاعتبار، وحثت على «الامتناع عن اتخاذ أي قرارات أو إجراءات أحادية الجانب»، وضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق دون تأخير.

أخبار ذات صلة

أزمة المركزي تشل ليبيا.. رواتب متأخرة ومعاملات معطلة

أزمة المركزي تشل ليبيا.. رواتب متأخرة ومعاملات معطلة

يعتقد خالد بن عثمان، رئيس المجلس الليبي للنفط والغاز والطاقات المتجددة، أن النزاع الحالي حول صلاحيات البنك المركزي، والذي أدى إلى إغلاقات الحقول النفطية، هو نتاج «تجاذبات سياسية». ويؤكد بن عثمان أن الحل الوحيد للأزمة هو "إيجاد وفاق سياسي بين الأطراف المتنازعة" لاستعادة الانتعاش للقطاع النفطي، مشيراً إلى أهمية التوصل إلى هذا التوافق سريعاً، نظراً للتداعيات الكبيرة على الاقتصاد.

وفي حديثه، لـ«إرم بزنس»، شدد بن عثمان على أهمية تحقيق تقسيم عادل للثروة النفطية وعدم تركيزها في العاصمة طرابلس فقط. وأوضح أن الثروة الليبية موزعة بين طرابلس وبنغازي والجنوب، حيث تسيطر حكومة الشرق على بنغازي والجنوب.

يقول الخبير النفطي الليبي، الدكتور محمد الشحاتي، في حديثه لـ«إرم بزنس»، إن «الحلول للأزمة الحالية تكمن في الجانب السياسي، حيث نأمل تحقيق تفاهم بين الأطراف السياسية بدعم وضمان من القوى الدولية؛ لأن عدم حدوث ذلك قد يجعل التوصل إلى حل أمراً مستحيلاً».

وأضاف الشحاتي أن «نتائج الاجتماع الأممي تعكس موقفاً غير حاسم، مما قد يؤدي إلى تعقيدات إضافية في المرحلة الحالية، وربما نتائج سلبية».

وفيما يتعلق بالضغوط الأميركية وأهمية الوساطة الإقليمية، أشار الشحاتي إلى أن «الوضع شديد الصعوبة»، محذراً من أن «الولايات المتحدة قد تدفع الأمور نحو التصعيد إذا استمرت الأطراف السياسية في التمسك بمواقفها، وهو ما يجب أن يأخذه الجميع في الاعتبار».

ومع بداية أزمة محافظ البنك المركزي، حذر السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، في تغريدة من أن استبداله «بالقوة يمكن أن يؤدي إلى استبعاد ليبيا من الأسواق المالية العالمية».

وباعتقاد الشحاتي وهو خبير نفطي سابق بمنظمة أوبك أن «المسألة تحتاج إلى بعض التنازلات، ويمكن حلها تفاوضياً، إلا أن الخلاف سيستمر بأشكال أخرى وهو ما تعيه الولايات المتحدة والقوى الدولية الأخرى المنغمسة في الأزمة الليبية، ولذلك فهي تدفع في طريق اختيار حكومة جديدة».

وعن أصل أزمة إغلاقات الحقول التي ربطها البعض بأزمة البنك المركزي، أضاف: «أزمة المركزي في اعتقادي لها علاقة بإصدار البرلمان للميزانية الموحدة مؤخرا مع ضبابية كيفية الإنفاق، بالرغم من أن الأموال المرصودة كافية افتراضيا للسلطات التنفيذية في الشرق وفي الغرب».

وفي يوليو الماضي، وافق البرلمان الليبي على ما أسماه ميزانية إضافية للحكومة حجمها 88 مليار دينار ليبي (18.3 مليار دولار) تخصص للفترة المتبقية من العام الحالي.

واستدرك الشحاتي: «إلا أن عدم وضوح مسؤوليات الإنفاق هو عامل مهدد لكل سلطة، والتي ستبقى حينئذ تحت رحمة المركزي الذي سيكون الفيصل في وجهة الأموال، مع أن الأمر مؤسف من ناحية الانقسام، إلا أن الحل يكمن في توضيح هذه الجزئية إذا لم يتم توحيد السلطة التنفيذية».

وشدد على أنه في حال عدم التوصل لاتفاق نهائي لإنهاء الإغلاقات، «ستكون الخسائر الاقتصادية كبيرة»، مضيفاً أنه: «يمكن أن ينفجر التضخم وهذا سيكون من الصعب جداً محو آثاره على الاقتصاد؛ مما سيسبب معاناة واسعة وتخلف عن الركب الاقتصادي العالمي».

وأكد أن «تعطل الإنتاج سيكون له أثر على التزويد الداخلي (بالنسبة للكهرباء)؛ لأن المصافي المحلية يمكن أن تتوقف وهناك صعوبات في توفير المنتجات البديلة من الخارج من ناحية تمويلية وفنية».

أما بالنسبة للأسعار العالمية للنفط، يرى الدكتور محمد الشحاتي أنه «ليس هناك تأثير كبير عليها؛ لأن الطاقة الاحتياطية البديلة موجودة وجاهزة لسد النقص في العرض».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC