تباينت آراء الخبراء حول التأثير الحقيقي لأسعار النفط وتعاملاته اليومية في ظل التغيرات الحاصلة في سوريا، والاضطرابات التي تواجهها المنطقة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
ويرى المحلل المالي وكبير محللي الأسواق المالية في شركة «وندسور بروكرز»، سركيس نزار، أن الاضطرابات في سوريا وارتفاع التوترات الجيوسياسية فتحا الباب أمام توقعات مستقبلية بنمو الإنتاج إلى نحو مليون ونصف برميل كمتوسط يومي في عام 2025.
في المقابل، أشار نزار في حديثه لـ«إرم بزنس» إلى أن هناك توقعات من عدة جهات، من بينها منظمة «أوبك»، بزيادة الطلب العالمي على النفط بحوالي مليون برميل يومياً.
وأوضح أن ذلك سيؤدي إلى وجود فائض يقدر بحوالي نصف مليون برميل يومياً، يُرجّح أن يكون مصدره الولايات المتحدة وكندا والبرازيل.
وشدد الخبير المالي على أن المعطيات الحالية تشير إلى تأثير واضح لما يجري في سوريا ودول أخرى في الشرق الأوسط على أسعار النفط.
في السياق ذاته، أكد الخبير النفطي هاشم عقل أن قطاع النفط يواجه تحديات كبيرة، إذ تؤدي زيادة الإنتاج والمعروض دائماً إلى انخفاض الأسعار.
وأوضح عقل في حديثه لـ«إرم بزنس» أن الاضطرابات في سوريا لن تؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعار النفط، كما يحدث عادة في حالات الأخطار الجيوسياسية، مستشهداً بما حدث خلال الحرب الروسية-الأوكرانية.
وعزز عقل وجهة نظره بالإشارة إلى أن العالم قد تمكن من التعامل مع الأخطار التي حدثت العام الماضي، فقد استطاعت أسواق النفط التكيف معها، مؤكداً أن إمدادات البترول لم تتأثر بشكل حقيقي، وأنها أصبحت تحت السيطرة.
وأضاف عقل أن الدول المنتجة للنفط خارج منظمة «أوبك» زادت كمية الإنتاج التي تُضخ في الأسواق، مما يساهم في استقرار أسعار النفط.
وبشكل عام، توقع الخبير النفطي أن تشهد أسعار النفط في العام المقبل انخفاضاً، مع إمكانية وصولها إلى أقل من 65 دولاراً للبرميل.
جانب آخر تحدث عنه عقل يتعلق باستقرار أسعار النفط وعدم تأثرها بما يخص «مضيق هرمز»، الذي يخرج منه 20% من نفط العالم. كان هناك تخوف من إغلاقه نتيجة التدخل الإيراني في الأحداث السورية، لكن هذا لم يحدث.
وأكد الخبير النفطي أن إيران لن تلجأ إلى هذه الخطوة، لِإدراكها التام بتأثير ذلك في صادراتها من النفط والسلع الأخرى.
في سياق آخر، انخفضت أسعار النفط في تعاملات اليوم الثلاثاء بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته يوم الاثنين، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتقييم الأسواق للتطورات في سوريا.
بحلول الساعة 10:09 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 24 سنتًا إلى 71.90 دولار للبرميل، كما نزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 28 سنتاً إلى 68.09 دولار.
منذ أن دخلت العقوبات الدولية حيز التنفيذ في أواخر 2011، توقفت سوريا عن تصدير النفط وأصبحت تعتمد بشكل رئيسي على واردات الوقود من إيران لضمان استمرار إمدادات الطاقة.
قبل تلك العقوبات، كان إنتاج سوريا من النفط والسوائل يبلغ نحو 383 ألف برميل يومياً، وفقاً لتحليل سابق لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، كما أفادت وكالة «رويترز»، إلا أن الإنتاج انخفض بشكل كبير بعد فرض العقوبات، حيث بلغ في عام 2023 نحو 40 ألف برميل يومياً، بحسب تقديرات معهد الطاقة.
وبالمثل، شهد إنتاج الغاز الطبيعي تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفض من 8.7 مليار متر مكعب في 2011 إلى 3 مليارات متر مكعب في 2023، وفقاً لتقديرات شركة «بي بي» ومعهد الطاقة.
قبل العقوبات، كانت شركتا «شل» و«توتال إنرجيز» من أبرز الشركات الدولية التي تنفذ عمليات في قطاع الطاقة السوري.
أما بالنسبة للواردات، فقد كانت آخر واردات من المنتجات النظيفة في يونيو 2023 بمتوسط 1900 برميل يومياً، حيث كانت روسيا وتركيا من أبرز الموردين، وفقاً لبيانات «كبلر». ومنذ أكتوبر 2019، توقفت سوريا عن تصدير النفط، حيث كانت آخر شحناتها تبلغ حوالي 33,300 برميل يومياً من زيت الوقود، لكن لم تكن الوجهة معروفة، بحسب «كبلر».
حالياً، تساهم سوريا بنحو 31% من إنتاج النفط الخام المحلي، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
أما الطلب على النفط في سوريا، فيبلغ حالياً حوالي 100 ألف برميل يومياً، حيث يشكل الديزل وزيت الغاز نحو 80% من هذا الطلب، بينما يستهلك الباقي من البنزين ووقود الطائرات، وفقاً لموقع «ستاندرد أند بورز كوموديتيز إنسايت».
وتملك سوريا حالياً مصفاتين لتكرير النفط: الأولى في حمص بطاقة 107,100 برميل يومياً، والثانية في بانياس بطاقة 120 ألف برميل يومياً.