تشهد صناعة النفط العالمية حالياً ظروفاً معقدة تتسم بوفرة العرض وضعف الطلب، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية. تشير النتائج المالية الأخيرة لشركات النفط الكبرى، مثل: «إكسون موبيل» و«شيفرون»، إلى التحديات التي تواجه القطاع. ففي الربع الثالث، سجلت «إكسون موبيل» أرباحاً بلغت 8.6 مليار دولار، بانخفاض نسبته 5% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، فيما انخفضت أرباح «شيفرون» بنحو 31% إلى 4.5 مليار دولار.
تعكس هذه النتائج مدى تأثير انخفاض أسعار الطاقة وتراجع هوامش التكرير على ربحية القطاع.
أدت زيادة إمدادات النفط العالمية إلى انخفاض الأسعار بنحو 15% خلال الأشهر الستة الماضية. وسجل إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام مستوى قياسياً في أغسطس، بمتوسط 13.4 مليون برميل يومياً. إضافة إلى ذلك، كان هناك ارتفاع في إنتاج دول مثل كندا والبرازيل وغيانا. كما أشارت منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وحلفاؤها إلى خطط لإعادة ضخ 2.2 مليون برميل يومياً في السوق خلال العام المقبل، ما قد يضغط نحو تسجيل مزيد من التراجع في الأسعار.
على صعيد الطلب، أثار تباطؤ الاقتصاد الصيني مخاوف في السوق، حيث شهدت الأنشطة الصناعية في البلاد تراجعاً للشهر الخامس على التوالي؛ ما يشير إلى احتمال ضعف استهلاك النفط. وعدّلت وكالة الطاقة الدولية (IEA) توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط نحو الانخفاض، مشيرة إلى تباطؤ الطلب من الصين ومناطق أخرى.
لطالما أثرت التوترات الجيوسياسية، لا سيما في الشرق الأوسط، في أسعار النفط. لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن السوق أصبحت أقل تأثراً بمثل هذه المخاطر. فعلى سبيل المثال، تراجعت أسعار النفط بشكل حاد بعد الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع عسكرية إيرانية، حيث رأت السوق أن احتمالات توسع النزاع باتت أقل؛ حتى إن تهديدات الحوثي لمسار الناقلات عبر البحر الأحمر، لم تؤثر بشكل يذكر في الأسعار.
خفّض المحللون توقعاتهم لأسعار النفط للشهر الخامس على التوالي بسبب ضعف الطلب وحالة عدم اليقين بشأن خطط «أوبك». وتشير تقديرات استطلاع أجرته «رويترز» شمل 41 محللاً، إلى أن متوسط سعر خام برنت سيبلغ نحو 81.52 دولار للبرميل، بانخفاض عن التوقعات السابقة التي كانت عند 82.86 دولار. ويُتوقع أيضاً أن تنخفض أسعار النفط الخام الأميركي إلى 77.64 دولار للبرميل.
تشير الظروف الحالية إلى أن عصر ارتفاع أسعار النفط قد يكون في تراجع، على الأقل على المدى القصير إلى المتوسط. فوفرة العرض، إلى جانب ضعف الطلب والتغيرات في الديناميكيات الجيوسياسية، تفرض ضغوطاً نحو خفض الأسعار. وبينما تقوم شركات النفط الكبرى بتطبيق إستراتيجيات للتكيف مع هذه البيئة التي تتسم بالتحدي، قد يتعين على الصناعة التكيّف مع فترة طويلة من الأسعار المنخفضة.