يشهد الاقتصاد العالمي حالة توسع مستمر، ولكنه في الوقت ذاته يفقد الزخم الذي كان يتمتع به سابقاً، ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية بعنوان «التوقعات العالمية للتوظيف والوضع الاجتماعي: اتجاهات 2025»، فإن معدلات البطالة العالمية ستظل مستقرة عند 4.9% خلال الأعوام 2024-2026.
وبينما تبقى معدلات البطالة بين البالغين عند 3.7%، فإن معدلات البطالة بين الشباب الذكور والإناث تظل مرتفعة، حيث تبلغ 12.4% و12.3% على التوالي.
يُبرز هذا الواقع فجوة عمرية مستمرة تتطلب تدخلات جادة لمعالجتها، خاصة في الدول ذات الاقتصادات الناشئة.
يوضح التقرير أن الفجوة بين الجنسين في معدلات البطالة تعكس تحديات هيكلية مستمرة، فعلى المستوى العالمي، تبلغ الفجوة بين النساء والرجال حوالي 0.4 نقطة مئوية، مع وجود تفاوت أكبر في الدول منخفضة الدخل.
هذا يعكس تحديات كبيرة تواجه النساء في الحصول على فرص عمل متساوية، ويؤكد الحاجة إلى سياسات شاملة لدعم مشاركتهن الاقتصادية.
تُظهر البيانات أن فجوة الوظائف، التي تُحسب بمقارنة نسبة الأشخاص الراغبين في العمل وغير القادرين على إيجاد وظائف، ستستقر عند 10.1% عالمياً بين عامي 2024 و2026.
مع ذلك، لا تزال النساء تعاني من فجوة أوسع مقارنة بالرجال، حيث يسجلن 12.9% مقابل 8.2% للرجال، ما يعكس تحديات متجذرة تحتاج إلى معالجات فعالة.
يشير التقرير إلى انخفاض معدلات التضخم من 6.7% عام 2023 إلى 5.9% عام 2024، مع توقعات بمزيد من التراجع على المدى المتوسط.
يُعد هذا التحسن إشارة إيجابية تُبشر بزيادة القدرة الشرائية ودعم الطلب الاستهلاكي.
ومع ذلك، يظل التضخم المرتفع نسبياً في قطاع الخدمات عقبة أمام تحقيق تقدم أسرع في خفض التضخم.
ورغم التوقعات بنمو التجارة العالمية بوتيرة أسرع من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، يُبرز التقرير أن قطاع التصنيع لا يزال يعاني من ضعف واضح، فالقيود التجارية المتزايدة عبر الحدود تُثقل كاهل القطاع الصناعي، ما يؤدي إلى بطء في التحسينات التي شهدتها أسواق العمل بعد الجائحة.
أشار التقرير إلى أن زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة يمكن أن تُسهم بشكل كبير في تحسين الأداء الاقتصادي، فعلى المستوى العالمي، قد يؤدي ذلك إلى رفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 4.5%.
أما في الدول منخفضة الدخل، فتصل هذه المكاسب إلى 2.3%، بينما تسجل الدول العربية غير الخليجية مكاسب ضخمة تصل إلى 49.3%.
وتُبرز هذه الأرقام أهمية التركيز على تمكين النساء اقتصادياً لتحقيق تنمية مستدامة.
رغم استقرار معدلات البطالة وفجوة الوظائف، يُظهر مؤشر عدم اليقين في السياسات الاقتصادية استقراراً نسبياً خلال 2024 مقارنة بالسنوات السابقة.
ومع ذلك، يبقى المؤشر أعلى من مستوياته قبل عام 2016، ما يعكس استمرار التحديات المرتبطة بالأزمات الجيوسياسية والاقتصادية التي تؤثر في ثقة المستثمرين والشركات.
في ظل هذه التحديات، يُبرز التقرير ضرورة تبني سياسات استراتيجية تُركز على تحسين مشاركة النساء في سوق العمل، وتقليل الفجوة بين الشباب والبالغين، وتعزيز السياسات الداعمة للاستثمار والتجارة. تحقيق هذه الأهداف من شأنه أن يُسهم في خلق أسواق عمل أكثر استدامة وازدهاراً، ما يدعم الاقتصاد العالمي في مواجهة التحديات المستقبلية.