الإسترليني يتعرض لموجة بيع واسعة
الأسواق العالمية رفضت خطة «ريفز»
أزمة تاريخية تلوح بالأفق في بريطانيا، مع تفاقم الديون في تطورات سريعة ومتلاحقة لأزمة اقتصادية طاحنة تعانيها الممكلة المتحدة، تعيد إلى الأذهان الأحداث الكابوسية لأزمة الديون العام 1976 التي أجبرت الحكومة البريطانية آنذاك على طلب إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي.
يأتي ذلك بعدما فقدت الأسواق العالمية الثقة في الإجراءات المالية التي أعلنتها وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز؛ ما دفع المستثمرين للتخلص من الأصول البريطانية، إذ لامس الجنيه الإسترليني أدنى مستوى في 14 شهرًا أمس.
كشفت وزيرة الخزانة البريطانية في أكتوبر من العام الماضي، عن الزيادات الضريبية، في أول ميزانية لحزب العمال الحاكم منذ فوزه الساحق في الانتخابات العامة في يوليو، عن ميزانية من المرجح أن تزيد الإيرادات الحكومية السنوية بمقدار 41.5 مليار جنيه إسترليني (54 مليار دولار) بحلول نهاية العقد، تدفع الضرائب إلى مستوى قياسي يبلغ 38% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لمكتب مسؤولية الميزانية، وهو المسؤول المالي للحكومة البريطانية.
تراجع الجنيه الإسترليني بالسوق الأوروبية اليوم الجمعة، مقابل سلة من العملات العالمية، ليواصل خسائره لليوم الرابع على التوالي مقابل الدولار الأميركي.
يقترب الجنيه الإسترليني من تسجيل ثاني خسارة أسبوعية على التوالي، وسط تسارع عمليات البيع المفتوحة، بسبب تصاعد مخاوف ديون الحكومة البريطانية، وسط توقعات أن تكون الحكومة مضطرة الآن إلى زيادة الاقتراض، وخفض الإنفاق، ورفع الضرائب.
انخفض الجنيه الإسترليني اليوم بحلول الساعة 1127 بتوقيت غرينتش، مقابل الدولار بنسبة 0.7% وعلى مدار تعاملات هذا الأسبوع، ينخفض بنحو 1.2% مقابل الدولار متجهاً نحو ثاني خسارة أسبوعية على التوالي.
قفز عائد السندات الحكومية البريطانية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى منذ العام 2000، في حين ارتفع عائد السندات الحكومية لأجل 30 سنة إلى أعلى مستوى منذ العام 1998.
يهدد الارتفاع الحالي في تكاليف الديون بتآكل احتياطي الموازنة العامة للبلاد البالغ 9.9 مليار جنيه إسترليني، وهو الأمر الذي يضع مزيدًا من الأعباء والتحديات على الحكومة الحالية.
في إطار التطورات الحاصلة، إذا تفاقمت الأوضاع الحالية، فلن يكون أمام حزب العمال لحزب الحاكم خيارا سوى خفض الإنفاق وزيادة الضرائب لطمأنة الأسواق بأن الدين يُدَار بشكل صحيح.
عادةً ما يكون هناك ارتباطاً إيجابياً بين عائدات السندات والجنيه الإسترليني؛ ما يعني أنه عندما ترتفع العائدات، يتبع الجنيه الإسترليني ارتفاعها.
إلا أن هذا الارتباط بدأ ينكسر مع تفاقم أزمة الثقة بين الأسواق والحكومة الحالية التي يبدو أنها طرحت خطة غير مقبولة حتى الآن.
في غضون ذلك يعاني الجنيه الإسترليني من ارتفاع عائدات السندات، إذ تقود التوقعات بارتفاع التضخم أو السياسات النقدية المتشددة من بنك إنجلترا هذه الارتفاعات، إلا أن هذا لم يقدم الدعم إلى الجنيه.
في يتجسد التأثير السلبي لأزمة الثقة وارتفاع تكلفة عائد السندات تحركت العائدات بفعل القلق بشأن الديون الحكومية واستدامتها، إلى جانب تأثيرات التضخم الناتجة عن زيادة الإنفاق المالي.
يرى خبراء دويتشه بنك بحسب مذكرة نشرت هذا الأسبوع، أن نمو الناتج المحلي الإجمالي من المرجح أن يُعَدَّل إلى أقل من توقعاته المتفائلة بنسبة 2% للعام التقويمي الحالي.
سيُعَدَّل التضخم إلى أعلى؛ ما يضيف إلى تكاليف الديون، حيث يتم تسعير جزء كبير من ديون المملكة المتحدة على مؤشر أسعار التجزئة، وهو مقياس للتضخم.
من المرجح أيضاً أن ترتفع توقعات مكتب مسؤولية الموازنة للبطالة بشكل أكبر، بما يتماشى مع سلسلة من المؤشرات الاقتصادية التي تُظهر أن الشركات ستفقد وظائف بسبب الضرائب الجديدة.
يقول خبراء دويتشه: «من المتوقع زيادة تكاليف الفائدة على الديون الحكومية بنحو 10 مليارات جنيه سنوياً بين 2025 و2030، وفي ظل هذه الظروف، لا يبدو غريباً أن المستثمرين يتخلون عن السندات البريطانية والجنيه الإسترليني».
وزادت الضغوط السلبية على مستويات الجنيه الإسترليني بعد تعليقات أقل عدوانية من نائبة محافظ بنك إنجلترا للاستقرار المالي، والتي عززت احتمالات خفض أسعار الفائدة البريطانية في فبراير المقبل.
في كلية إدارة الأعمال بجامعة إدنبرة أمس، قالت عضو بنك إنجلترا سارة بريدين، وفق بيان: «إن التطورات الاقتصادية الأخيرة في البلاد تدعم قضية خفض أسعار الفائدة تدريجياً، ولكن من الصعب قياس السرعة الصحيحة للتيسير النقدي».
أضافت: «نراقب سوق السندات الحكومية البريطانية بعد ارتفاع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل 30 عاماً إلى أعلى مستوى في 26 عاماً في موجة بيع يومي الثلاثاء والأربعاء مرتبطة جزئياً بالعودة الوشيكة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض».
أوضحت بريدين أن هناك أدلة مبدئية على أن الاقتصاد بدأ يضعف، وأنها تراقب أيضا كيف سيستجيب أصحاب العمل والشركات لإعلان الحكومة في 30 أكتوبر عن زيادة الضرائب في الميزانية.