logo
اقتصاد

كيف تعرقل العقوبات وضعف الاستثمارات تعافي الاقتصاد السوري؟

كيف تعرقل العقوبات وضعف الاستثمارات تعافي الاقتصاد السوري؟
أطفال يأكلون الخبز في أحد شوارع سوريا في 24 ديسمبر 2024المصدر: رويترز
تاريخ النشر:24 يناير 2025, 03:32 م

يتطلب تعافي الاقتصاد السوري استثمارات ضخمة قُدرت مؤخراً بأكثر من 400 مليار دولار أميركي، ما يعكس حجم الدمار الذي ألحقته سنوات الحرب الأهلية بالبنية التحتية والاقتصاد، بالإضافة إلى تأثير العقوبات الدولية والفساد.

ووفقاً لـ«برنامج الأغذية العالمي» (World Food Programme) التابع للأمم المتحدة، يعيش 90% من السكان في سوريا تحت خط الفقر، فيما يعاني أكثر من 12 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.

علاوة على ذلك، بلغ حجم الأضرار الاقتصادية في سوريا مستوى هائلاً، إذ سجل التضخم مستويات قياسية، فيما تعاني البنية التحتية الحيوية، مثل الكهرباء والمياه وشبكات النقل، من تدهور كبير يستدعي إعادة إعمار شاملة.

وقدرت الأمم المتحدة في عام 2017 تكلفة إعادة الإعمار بـ250 مليار دولار، إلا أن التقديرات الحالية تشير إلى ارتفاع هذا الرقم إلى ما لا يقل عن 400 مليار دولار.

تقارير عدة قدرت تكلفة الصراع من إجمالي الناتج المحلي على مدى أكثر من عقد بلغت 1.2 تريليون دولار.

ووفق دراسة سابقة لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، تعرّضت 16 مدينة رئيسية تتوزع على مساحة سوريا لدمار كبير، لحق بعشرات الآلاف من المباني السكنية والمنشآت العامة والخاصة.

ورغم التغيرات السياسية الأخيرة، يبقى التعافي الاقتصادي بعيد المنال بسبب استمرار العقوبات وضعف تدفق الاستثمارات الدولية.

أخبار ذات صلة

نصف تريليون دولار لإعادة إعمار سوريا ولبنان وغزة

نصف تريليون دولار لإعادة إعمار سوريا ولبنان وغزة

 العقوبات وتحديات الاستثمار

وبحسب وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، فإنه على الرغم من تخفيف بعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، من القيود المفروضة على سوريا، إلا أن هذه الخطوات لا تزال بعيدة عن توفير الموارد المطلوبة لتحقيق تعافٍ اقتصادي ملموس.

وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية، مؤخراً ترخيصاً مؤقتاً لمدة 6 أشهر يسمح بإجراء بعض المعاملات مع الحكومة السورية المؤقتة، بما في ذلك مبيعات محدودة للطاقة.

ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن هذه الإجراءات لا تكفي لإعادة بناء القطاع الخاص أو إصلاح البنية التحتية المدمرة في البلاد.

وفي هذا السياق، رأى الباحث الاقتصادي في مؤسسة «أتلانتيك كاونسل» (Atlantic Council) البحثية ومقرها واشنطن، سنان حتاحت، أن الإجراءات الأميركية تمثل «الحد الأدنى» اللازم لإظهار حسن النية تجاه دمشق، لكنها غير كافية لدعم سوريا في تنشيط اقتصادها.

وأوضح أن «القيود المفروضة على التجارة وإعادة الإعمار لا تزال تشكل عقبات كبيرة أمام التعافي الاقتصادي»، وفقاً لما نقلته «أسوشيتد برس».

وفي حين تبقى العديد من الدول مترددة في اتخاذ قرارات ذات تأثير أكبر، أملاً في تحقيق انتقال سياسي سلمي، يرى العديد من السوريين أن الاقتصاد لا يمكنه الانتظار.

وقال حتاحت: «بدون وظائف، وبدون تدفقات ضخمة من المال والاستثمارات، ستظل هذه الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها».

وأكد أن «غياب الاستثمارات الكبيرة والإصلاحات الشاملة سيبقي الاقتصاد في حالة ركود».

أعربت دول الخليج عن اهتمامها ببناء شراكات اقتصادية مع القيادة المؤقتة في سوريا، إلا أن الاستثمارات الملموسة لا تزال محدودة.

كما تتبنى العديد من الدول نهجاً حذراً، في انتظار إشارات على استقرار سياسي قبل اتخاذ خطوة نحو الالتزام بتقديم دعم مالي واسع النطاق.

خريطة التعافي

يتطلب تعافي الاقتصاد السوري استثمارات عاجلة في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة والخدمات العامة.

وفي ظل استمرار أزمات الكهرباء ونقص الوقود، تجد الأعمال الصغيرة نفسها معطلة، إذ يواجه العديد من العمال صعوبة في الحفاظ على سبل عيشهم.

وفي دمشق، يعكس السوق القديم المزدحم الواقع القاسي للأزمة الاقتصادية. ففي حين تتجمع الحشود للاحتفال بالقيادة الجديدة، يشكو التجار من ضعف المبيعات نتيجة ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.

وقال أحد أصحاب المتاجر في السوق: «الناس سعداء بالتغيير، لكنهم لا يستطيعون شراء أي شيء».

أخبار ذات صلة

وزير الخارجية: سوريا تعتزم خصخصة الموانئ وجذب الاستثمارات

وزير الخارجية: سوريا تعتزم خصخصة الموانئ وجذب الاستثمارات

المخاوف الإنسانية واستقرار المنطقة

تبقى المساعدات الإنسانية وتحويلات السوريين في الخارج شريان حياة حيوياً لملايين الأشخاص.

وحذرت المديرة التنفيذية لـ«برنامج الأغذية العالمي»، سيندي ماكين، من أن أزمة الغذاء والاقتصاد في سوريا قد تشكل تهديداً أكبر لاستقرار المنطقة.

وقالت: «الجوع لا يولد النوايا الحسنة»، داعية الدول المجاورة والجهات المعنية دولياً إلى التحرك بسرعة لمنع المزيد من التدهور.

وعلى الرغم من التفاؤل المحيط بالانتقال السياسي في سوريا، فإن مستقبلها الاقتصادي يتوقف على التغلب على التحديات الهائلة المتعلقة بإعادة الإعمار، وتوفير الوظائف، وتأمين الدعم الدولي. وبدون هذه الجهود، سيظل طريق التعافي محفوفاً بالشكوك.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC