يواجه البنك المركزي الأوروبي ظروفاً اقتصادية تتماشى مع بعض من أكثر السيناريوهات خطورة التي سبق أن حددها، بحسب خوسيه لويس إسكريفا، محافظ بنك إسبانيا وعضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي.
في مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز» قبيل قرار البنك بشأن أسعار الفائدة في 17 أبريل، قال إسكريفا: «بعض أسوأ السيناريوهات التي كنا قد حددناها بدأت تتحقق»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسببت بـ«صدمة سلبية كبيرة للنشاط الاقتصادي».
وحذّر إسكريفا من أن الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، التي وُصفت بأنها «متبادلة» ودخلت حيز التنفيذ يوم الأربعاء، قد تكون لها تداعيات أوسع على الأسواق العالمية، ملمحاً إلى أن هذه السياسات قد تقوض مكانة الدولار الأميركي كعملة احتياط رئيسية وملاذ آمن عالمي.
ورغم أن التأثير الاقتصادي الكامل لهذه الإجراءات لا يزال غير واضح، قال إسكريفا إن البنك المركزي الأوروبي «يراقب الوضع عن كثب». وأضاف أن تأثير هذه السياسات على التضخم في منطقة اليورو سيعتمد، من بين عوامل أخرى، على رد الفعل الأوروبي، سواء عبر اتخاذ إجراءات تجارية مضادة أو عبر تبني سياسة مالية توسعية.
خففت ألمانيا مؤخراً من قيودها المالية الصارمة، لتسمح بزيادة الاقتراض لتمويل الإنفاق الدفاعي والاستثمارات في البنية التحتية، كما تتخذ مؤسسات الاتحاد الأوروبي خطوات لتوفير هامش أوسع لإنفاق عسكري ممول بالديون.
ومع تصاعد قلق المستثمرين، تتوقع الأسواق الآن على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة السابعة منذ يونيو، لتصل إلى 2.25%، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى احتمال التوقف المؤقت قبل إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية في 2 أبريل. ورفض إسكريفا التعليق على موقفه من القرار قبيل اجتماع الأسبوع المقبل.
وفي سياق التعامل مع حالة عدم اليقين الاقتصادي، قال رئيس البنك المركزي الألماني يواخيم ناغل، يوم الثلاثاء، إن البنك المركزي الأوروبي سيفعل «ما بوسعه» لتعزيز قدرة منطقة اليورو على الصمود، مشيراً إلى أن التضخم يسير على المسار الصحيح نحو تحقيق هدف 2% على المدى المتوسط.
أشار إسكريفا إلى احتمال حدوث تحول في النظام المالي العالمي، موضحاً أن هيمنة الدولار الأميركي والأسواق المالية الأميركية خلال العقود الأخيرة اعتمدت على «الاتفاقات متعددة الأطراف والقواعد التي عززت تدفق التجارة».
وأضاف: «الجهات الاقتصادية والسلطات في جميع أنحاء العالم يعيدون الآن تقييم ما تعنيه السياسات الأميركية الأخيرة بالنسبة لتلك العناصر، وهناك أسباب تدعو للشك في أن بعض هذه العناصر ستواصل لعب هذا الدور العالمي البارز في المستقبل».
وفي هذا السياق، أشار إسكريفا إلى أن اليورو قد يصبح خياراً أكثر جاذبية كعملة احتياط، مستشهداً بـ«المنطقة الاقتصادية الكبرى والعملة المستقرة» التي توفرها منطقة اليورو، والتي تستفيد من الاستقرار والشفافية الناجمين عن السياسات الاقتصادية الرشيدة وسيادة القانون.
وفي مقابلة منفصلة مع التلفزيون الإسباني، اليوم الأربعاء، أكد إسكريفا أن بنك إسبانيا سيُجري مراجعة هبوطية لتوقعاته للنمو الاقتصادي في عام 2025، والتي تبلغ حالياً 2.7%.
كما علّق على التراجع الحاد في أسواق الأسهم العالمية منذ أوائل أبريل، واصفاً إياه بأنه «اختبار لقدرة النظام المالي العالمي على الصمود»، مضيفاً أنه «حتى الآن» لا تزال الأسواق تعمل بطريقة «منظمة»، ما يؤكد الانطباع بأن «النظام اليوم أكثر صلابة بكثير مما كان عليه في السابق».