مع اقتراب عام 2025، تزداد المخاوف بشأن احتمال حدوث ركود اقتصادي عالمي، وتسهم عوامل متعددة، مثل: التقلبات في البيانات الاقتصادية، والأسواق، وارتفاع معدلات البطالة، في تغذية هذه المخاوف، وتثير قلق المستثمرين وصناع القرار.
في هذه المقالة، سنقوم بتقييم إمكانية وقوع ركود في عام 2025 وما يترتب على ذلك من عواقب على المستوى العالمي، مع التركيز بشكل خاص على تأثيراته المحتملة في مناطق مختلفة، ولا سيما دول الخليج.
تتزايد المخاوف من احتمال حدوث ركود اقتصادي في ظل البيانات الاقتصادية الأخيرة. فقد أدت الزيادة في معدل البطالة في الولايات المتحدة وتفعيل قاعدة «ساهم»، وهما مؤشران تقليديان على بداية الركود، إلى رفع بنك «غولدمان ساكس» تقديراته لاحتمالية حدوث ركود من 15% إلى 25% خلال العام المقبل. ورغم هذه المخاوف، يشير بعض الخبراء إلى أن الأسس الاقتصادية الكلية لا تزال قوية نسبياً، وأن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يمتلك أدوات فعّالة يمكن استخدامها لتفادي الركود.
وتواجه الأسواق العالمية تحديات كبيرة في الوقت الراهن، حيث تتزايد المخاوف من ركود محتمل. تشير مؤشرات، مثل: انقلاب منحنى العائد، والتقلبات الحادة في أسواق الأسهم، إلى أن الاقتصاد العالمي قد يدخل فترة من التباطؤ. ومع ذلك، فإن التوقعات المستقبلية ليست بالضرورة سلبية.
يرى بعض الخبراء أن الاقتصاد العالمي قد يكون قادراً على التعافي تدريجياً، خاصة وأن بعض المناطق الاقتصادية تبدو أكثر استعداداً لمواجهة أي تباطؤ.
ستكون بعض الاقتصادات والمناطق أكثر عرضة للخطر من غيرها في حال حدوث ركود اقتصادي. على وجه الخصوص، قد تواجه الأسواق الناشئة تحديات كبيرة، خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي ولديها مستويات مرتفعة من الديون. من المحتمل أن تتأثر دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد على صادرات النفط، بشكل كبير جراء الركود.
فمع تراجع الطلب العالمي على النفط، ستتأثر إيرادات واستقرار هذه الدول بشكل مباشر. ورغم أن مبادرات التنوع الاقتصادي قد تسهم في تخفيف هذه الآثار، فإن عملية الانتقال بعيداً عن الاعتماد على النفط لا تزال في مراحلها الأولى.
يرتبط اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي ارتباطاً وثيقاً بأسعار النفط العالمية، إذ يمكن أن يؤدي انخفاض الأسعار إلى تأثيرات سلبية على الإنفاق العام والإيرادات الحكومية نتيجة تراجع الطلب بسبب الركود الاقتصادي. في محاولة للتقليل من هذا الاعتماد، بدأت دول مثل السعودية والإمارات في دعم مشاريع التنوع الاقتصادي، مثل رؤية 2030 وإكسبو 2020، والتي تقدم بعض الحماية ضد التداعيات السلبية للركود العالمي.
حتى لو استبعدنا احتمالية الركود في عام 2025، فإنه ينبغي على المستثمرين توخي الحذر، نظراً لحالة الاقتصاد والأسواق. في ظل الغموض الذي يحيط بالآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي، تظل بعض المناطق، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، أكثر عرضة للخطر بسبب اعتمادها على صادرات النفط. لذا، تبرز أهمية السياسات الاقتصادية الاحترازية ومبادرات التنوع الاقتصادي المستدام للحد من التأثيرات المحتملة للركود.
ويمكن للشركات الاستعداد لمواجهة الركود المحتمل من خلال وضع خطط طوارئ، وإنشاء صناديق احتياطية، وخفض مستويات الديون، وتنويع مصادر الدخل، والاستثمار بحكمة، وتطوير المهارات.
وأثارت الزيادات الحادة في أسعار الفائدة التي قام بها الاحتياطي الفيدرالي في عامي 2022 و2023 مخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد، حيث يرتبط الركود عادةً بانكماش المعروض النقدي. ولأن الاقتصادات الكبرى في جميع أنحاء العالم مرتبطة ببعضها البعض، فإن التباطؤ في أحد هذه الاقتصادات يمكن أن يؤثر في بقية الاقتصادات في العالم.
من الضروري مواكبة التطورات الاقتصادية والاستعداد لمواجهتها. كما يتوجب على الشركات وصنّاع السياسات تعزيز قدرتها على التكيف والصمود لتتمكن من التعامل مع التطورات. كما يمكننا تعزيز قدرة المؤسسات على تحمل الصدمات الاقتصادية من خلال إدراك المخاطر واتخاذ إجراءات «استباقية» والتي دائماً ما تعتبر العنصر الرئيس في الحل.